رواية ابن السماء

مصطفى لغتيري

روايات

رواية ابن السماء بقلم مصطفى لغتيري أكد الأديب المغربي مصطفى لغتيري أنه لا يخشى من الإسلاميين أو غيرهم في تأويلهم لعنوان روايته الجديدة التي صدرت حديثاً بعنوان "ابن السماء"، وذلك باعتبار أن الخلفية الثقافية الدينية لدى المسلمين لا تطابق بين الله والسماء، فابن السماء لا يعني أنه ابن الله.وتتطرق رواية لغتيري الجديدة إلى سيطرة الفكر الخرافي

 على الذهنية العربية هروباً من المشكلة الحقيقية التي يتخبط فيها الناس، وذلك من خلال شخص البطل الذي عاد من الموت إلى الحياة، وذلك بأسلوب يتسم كثيراً بالسخرية، حيث يُعري الكاتب من خلالها عيوب المجتمع العربي أمام مرآة كاشفة وصادقة.وأفاد الروائي مصطفى لغتيري، في حوار مع العربية نت، بأنه يجب الاحتراس من السقوط في فخ جعل الإسلام، أو من يتحدثون باسمه، في تعارض مع الإبداع وحريته، وذلك جواباً عن سؤال حول الخشية من إثارة عنوان الرواية "ابن السماء" حساسية معينة لدى بعض الأطراف، خاصة من التيار الإسلامي.واعتبر أن وصول الإسلاميين إلى السلطة كان بفضل ثورات مباركة ساهم فيها كل أطياف المجتمع، وكان محركها الأساسي هو الأوضاع الاجتماعية والسياسية، ما يعني أن الحرية مطلب أساسي من مطالب التغيير، ويتعين على القوى التي وصلت إلى أعلى قمة السلطة أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار، مهما كان توجهها أو أيديولوجيتها.وشدد الأديب المغربي على أنه لا ينبغي أن "نكرر في وطننا العربي ما حدث في إيران، فقد كانت الثورة الخمينية ثورة شعبية احتفى بها حتى الشيوعيين؛ لأنها بدت واعدة وقوية، لكنها سرعان ما أضحت معيبة تخنق المطلب الأساسي للشعوب، ألا وهو الحرية".أما بخصوص عنوان الرواية فيرى لغتيري أن "الخلفية الثقافية الدينية لدى المسلمين لا تطابق بين الله والسماء، فتلك خلفية مسيحية، وبالتالي لا يعني أن ابن السماء هو ابن الله، فشتان بين الأمرين في الإسلام، كما يجب أن ننأى بأنفسنا عن محاكمة الإبداع الأدبي بمنطق غير منطق النقد الأدبي، فلكل مجاله ومنطقه، وآليات الحكم عليه".وخلص المؤلف إلى أن الإبداع لم يَخْشَ من الديكتاتورية المتسلطة، فكيف له أن يخشى من قوى وصلت إلى الحكم بفضل الديمقراطية؟ مردفاً بالقول: "بالطبع لا أخشى من أحد، فأنا معتز بحريتي، ومارستها وسأمارسها بما يخدم المجال الأدبي الإبداعي الذي أفخر بالانتماء إليه".وتنطلق الفكرة الرئيسة لرواية "ابن السماء" من وضع الإنسان في هذا العالم، هذا الوضع الذي يصفه لغتيري ـ من خلال عوالم هذا العمل الإبداعي ـ بكونه "محيراً وغير واضح، ويصيب بالإرباك"، فالشخصية الرئيسية رجل ميت عاد إلى الحياة، أو طُرد إليها، ليجد نفسه ضحية لتعقيدات جمة.وبطل الرواية إنسان مؤمن ومسالم، لكنه بسبب وشاية ما طُرد من نعيم الموت ليجد نفسه في جحيم الحياة، ليعيش في أتونها حياة غريبة، فكلما حاول التدخل في أمر ليصلحه يجد نفسه ضحية الفشل، لكن أذكياء الدنيا سيستغلونه لقضاء مآرب شتى، وسيقبل هذا الوضع بصبر ومرارة في انتظار أن يعود إلى نعيمه في السماء.السخرية للتعريةوحول استعماله أسلوبَيْ العجائبية والسخرية في روايته الجديدة لكشف أعطاب المجتمع المغربي والعربي، قال لغتيري إن اختياره تحكمت فيه دواع فنية بالأساس، فالعجائبية والسخرية من التقنيات المحبذة في الكتابة، تجعل القارئ يعيش مع الرواية أجواء الحيرة بين التصديق والتشكيك فيما يحدث أمامه.وحاولت الرواية جاهدة تسليط الضوء خاصة على هيمنة الفكر الخرافي على الذهنية العربية، فبدل البحث عن الأسباب الحقيقية والمنطقية للمشاكل، يرتمي الناس في حضن الخرافة والدجل، وقد تتحالف هذه العورات مع عورات أخرى تبدو للوهلة الأولى بعيدة عنها كل البعد.وبحسب لغتيري، فإن هذه الرواية هي محاولة لفهم كيفية تشكل الذهنية الخرافية من خلال شخصية عجائبية، طارئة، وقادمة من بعيد لتكشف لنا عيوبنا وتجعلنا نرى أنفسنا أمام مرآة كاشفة، موضحاً أنها رواية لا تقدم أجوبة بقدر ما تثير في أنفسنا الكثير من الأسئلة العميقة، التي ستدهشنا رغم بداهتها"، على حد تعبير الأديب المغربي.والروائي مصطفى لغتيري عضو اتحاد كتاب المغرب، ومؤسس الصالون الأدبي بالدار البيضاء، وصدرت له عدة أعمال أدبية، منها المجاميع القصصية "هواجس امرأة"، و"شيء من الوجل"، و"تسونامي"، والروايات "رجال وكلاب"، و"عائشة القديسة"، و"رقصة العنكبوت"، و"ليلة إفريقية"، ثم "ابن السماء"، و"على ضفاف البحيرة".

شارك الكتاب مع اصدقائك