رواية جنوح النفس

رواية جنوح النفس

تأليف : عباس مدحت البياتي

النوعية : روايات

لم تغفُ عينُ أم قاسم لحظةً واحدةً، وهي تركن أذنيها لعزف الجنون الذي اجتاح سماء بغداد مع أولى رعشات الاحتلال في ربيع 2003. كانت ليلة الخميس الأسوأ في حياتها، بل في حياة العراقيين بأسرهم، لا تقاس إلا بأصداء الصراخ المختنق في شوارع المدينة وهي تبتلع صدمات القصف المتوالي. في تلك الليلة، صغتْ بروحها لتلك المهاوي التي أغرقت عيون بغداد في الذعر، إذ اخترق دويُّ الانفجارات سواد الليل، فلم يعد الصوت مجردَ خبرا للدمار، بل موجةً عاتية تجرف معها آخر بقايا الأمان. كانت تلك الأصوات تتجاوز حدود السمع، تعبر جدارَ الظن وأسوارَ اليقين، تُنثر كغسيلٍ للفزع وسقم العابثين الجدد فوق القلوب الرهيفة، إيذانًا ببداية حرب احتلال العراق في 19\03\2003.. تلك الحرب الشعواء التي عزفت أشجانها أيادي البغض تحت مظلة الأمم الغير شرعية تبعا لمصالح دول الظلام - أمريكا وبريطانيا ومن لف لفهم- برفقة لفيف من الأقزام المنطوية تحت أجنحة الكراهية بما تسمى بدول التحالف، مجتمعين بغل على قسمة كيكة العراق وإذلال شعبه وثبط عزيمته وسرقة خيراته.. ما إن أُشعلت فتيلة الحرب حتى شعرت أم قاسم بانتكاسةٍ تتغلغل في أعماقها، كأنها تسقط في هاويةٍ مفتوحة دون نهاية. كانت بغداد كلها تصغي لصخب الانفجارات، ولصفير الحمم التي كانت تتساقط كجمرٍ فوق المدينة، متبعةً دوّي الطواحين التي اجتاحت شوارعها بلا هوادة. أجهض الليل سكونه، بات أسيرًا للضوضاء المفتعلة، للهدير المنفلت، للزعيق الراعد الذي جعل الخوف سيد الموقف. غدت بغداد رقعةً منصاعة للفوضى العارمة، وبدت في تلك اللحظة كما لو أنها تتنفس الصخب بدلاً من الهواء، تتحرك ككائنٍ جريحٍ يترنح تحت وطأة الظلام.. في تلك الليلة شاءت أن كبلتها وعكة أرهقت كاهلها تزامنت مع بدأ شرارة الحرب، جعلتها تشذ عن طابع رباط الجأش التي عرفت به، لتركن ذاتها جانبا وهي تراقب الوضع بوجس عبر صوان أذنيها، انحنت قامتها للصمت والخشوع، قيدتها حيرة وانكسار، متبعة الأضواء المبرقة النافذة عبر كوة بيتها الوحيدة بشيء من الفزع والوجل والعناء والاهتمام الذاتي. يختض جسدها مع تلك الخيوط العابرة من النار والفزع، بدت تلك الكوة كمرآة عاكسة تشرح لها حجم البلاء والجحيم القائم في بغداد ومحيطها. ارتجف جسدها مع كل خيطٍ من الضوء، كأنها تستشعر صدى الدمار في عروقها، وكأنها تنظر إلى بغداد لا بعينيها، بل بروحٍ ترتجف في صمتها.
لم تغفُ عينُ أم قاسم لحظةً واحدةً، وهي تركن أذنيها لعزف الجنون الذي اجتاح سماء بغداد مع أولى رعشات الاحتلال في ربيع 2003. كانت ليلة الخميس الأسوأ في حياتها، بل في حياة العراقيين بأسرهم، لا تقاس إلا بأصداء الصراخ المختنق في شوارع المدينة وهي تبتلع صدمات القصف المتوالي. في تلك الليلة، صغتْ بروحها لتلك المهاوي التي أغرقت عيون بغداد في الذعر، إذ اخترق دويُّ الانفجارات سواد الليل، فلم يعد الصوت مجردَ خبرا للدمار، بل موجةً عاتية تجرف معها آخر بقايا الأمان. كانت تلك الأصوات تتجاوز حدود السمع، تعبر جدارَ الظن وأسوارَ اليقين، تُنثر كغسيلٍ للفزع وسقم العابثين الجدد فوق القلوب الرهيفة، إيذانًا ببداية حرب احتلال العراق في 19\03\2003.. تلك الحرب الشعواء التي عزفت أشجانها أيادي البغض تحت مظلة الأمم الغير شرعية تبعا لمصالح دول الظلام - أمريكا وبريطانيا ومن لف لفهم- برفقة لفيف من الأقزام المنطوية تحت أجنحة الكراهية بما تسمى بدول التحالف، مجتمعين بغل على قسمة كيكة العراق وإذلال شعبه وثبط عزيمته وسرقة خيراته.. ما إن أُشعلت فتيلة الحرب حتى شعرت أم قاسم بانتكاسةٍ تتغلغل في أعماقها، كأنها تسقط في هاويةٍ مفتوحة دون نهاية. كانت بغداد كلها تصغي لصخب الانفجارات، ولصفير الحمم التي كانت تتساقط كجمرٍ فوق المدينة، متبعةً دوّي الطواحين التي اجتاحت شوارعها بلا هوادة. أجهض الليل سكونه، بات أسيرًا للضوضاء المفتعلة، للهدير المنفلت، للزعيق الراعد الذي جعل الخوف سيد الموقف. غدت بغداد رقعةً منصاعة للفوضى العارمة، وبدت في تلك اللحظة كما لو أنها تتنفس الصخب بدلاً من الهواء، تتحرك ككائنٍ جريحٍ يترنح تحت وطأة الظلام.. في تلك الليلة شاءت أن كبلتها وعكة أرهقت كاهلها تزامنت مع بدأ شرارة الحرب، جعلتها تشذ عن طابع رباط الجأش التي عرفت به، لتركن ذاتها جانبا وهي تراقب الوضع بوجس عبر صوان أذنيها، انحنت قامتها للصمت والخشوع، قيدتها حيرة وانكسار، متبعة الأضواء المبرقة النافذة عبر كوة بيتها الوحيدة بشيء من الفزع والوجل والعناء والاهتمام الذاتي. يختض جسدها مع تلك الخيوط العابرة من النار والفزع، بدت تلك الكوة كمرآة عاكسة تشرح لها حجم البلاء والجحيم القائم في بغداد ومحيطها. ارتجف جسدها مع كل خيطٍ من الضوء، كأنها تستشعر صدى الدمار في عروقها، وكأنها تنظر إلى بغداد لا بعينيها، بل بروحٍ ترتجف في صمتها.
عباس مدحت البياتي خريج كلية التربية قسم الرياضيات - قاص وروائي - من سكنة جلولاء ديالى بدأت في حياكة القصص منذ الصغر حيث كنت أكتب وأمزق ما أكتب حتى تبلورة الفكرة وتيقنت من خلق الهيكل العام والابداع في حياكة القصص ثم تطورت الحالة لاندمج في صناعة الرواية التي تحتاج لحرفة وتيقن اكبر والحمدلله تمكنت...
عباس مدحت البياتي خريج كلية التربية قسم الرياضيات - قاص وروائي - من سكنة جلولاء ديالى بدأت في حياكة القصص منذ الصغر حيث كنت أكتب وأمزق ما أكتب حتى تبلورة الفكرة وتيقنت من خلق الهيكل العام والابداع في حياكة القصص ثم تطورت الحالة لاندمج في صناعة الرواية التي تحتاج لحرفة وتيقن اكبر والحمدلله تمكنت من إنجاز مجموعة قيمة من القصص والروايات ومن الله التوفيق

هل تنصح بهذا الكتاب؟