رواية رسل الأقدار

رواية رسل الأقدار

تأليف : عمر سليمان القشوطي

النوعية : روايات

بين لحظتي المولد والتخرج "رُسُل الأَقْدار" عملي الأدبي السادس المُستقِل ما زلت أذكر تلك اللحظة التي انتهيت فيها من قراءة قصة البوسطجي في مجموعة (دماء وطين) للأديب الكبير يحيى حقي، كنت في أول شتاء 2014م ليلًا على ضوء مصباح خافت، أستعيد فيها الأحداث التي أقرأها على مَهل، وأُضمها إلى النهاية؛ نهاية "جميلة" وحدها. جميلة التي انتهت حياتها هي وطفلها في أعماق الريف، بكل ما كَنَّته من حُب وكلف لخليل الغِر، وكل ما احتوته من مواصفات متوازنة تجعلها زِينة البنات، لكنها غُدرت من كل الشخصيات التي حولها، ماتت مُتحملة أوزار الجميع. انبهرت بها يومها، أحببتها حبًا انغرس في مُهجتي، قدرت تضحيتها المُتفانية. ليلتها، في سكون النائمين بكيت.. بدموع حارة، لم أكبتها كما أكبت دموعي في العادة على كثرة المواقف التي تُثير مدامعي. بقيت أيام مُتأثرًا بها يكتنفني الحِداد، ولا أستطيع تجاوز قصتها إلى أي قراءات أخرى، باتت الأسئلة تتفتق في ذهني كما تتفتق حبوب الذرة في قِدر مُلتهب.. أهكذا ماتت في (طيس)؟ ولم يعبأ أحد، ولم يبكيها أحد؟ ولم يرثيها أحد؟! ظللت أفكر، مُستنكرًا النهاية المفتوحة التي انغلقت فقط بجميلة، لكنها فُتحت لجميع الشخصيات؛ ليعبروا ويتجاوزوا العقاب، ويُتابعوا حياتهم بتلقائية، كأنما لم يحصل شيء! استفزتني النهاية، للدرجة التي أشعرتني بالغيرة الأدبية من قُدرة الكاتب على ما صنعه في نفسي من شجن واستثارة.. مما آل بموهبتي المُتنامية في الخيال على ابتداع نهايات من رؤيتي التحليلية لبقية أشخاص الرواية القصيرة. أردت أن تكون روايتي فارقة، نية بدأتها، أشق بها طريقي بين القامات والقِمم الغفيرة السامقة على مستوى السرد والتقنيات والتجريب والموضوع.. وهكذا بدأت فيها، وعددتها مشروعي الأكبر من كل مشاريعي الصغيرة، أكتب ولا أعرف نهايتها، لكني كلما كتبت تفتحت لي طاقات ومسارات، شقت على نفسي كثرتها وطولها، لولا استعانتي بالله، فقد رُحت أُدون خططي وتحليلاتي؛ حتى لا تضيع في متاهات الحياة اليومية، التي أوقفتني شهور عديدة أحسستها سنتين، إلى أن أخذت نفسي بالشدة، وعُدت لكتابتها بدافع من طموحي، ورغبتي في معرفة ما ستصل إليه الشخوص من مصائر. قرأت أثناءها كثير من الكُتب، كل ما صادفني من كُتب أفدني فيها بشكلٍ ما، أعدت قراءة مجموعة دماء وطين بنظرة جديدة، أكثر من مرة، فألهمتني بعديد من المسارات والحبكات، أعدت كتابة دماء وطين كلها في رواية برؤيتي والمصائر التي تصورتها. عرفت عن يحيى حقي أكثر، وصِرت أتتبع كل ما قيل عنه وكَتبه أو قاله في مرئيات قديمة، أحسست كم أن هذا الرجل قريب مني شكلًا وموضوعًا؛ قواسم مشتركة ألفيتها بيننا؛ قِصر الطول، الحياء الشديد، العُزلة الاجتماعية، الهدوء الظاهري، الصراعات الداخلية، الطموح... حاولت أن أصبغ كتابتي بألوان ثقافية مُحايدة، لكني رغم ذلك كتبتني فيها بفِكري ولوني وشكلي وثقافتي المُتجذرين، طمأنني ذلك على نفسي، لا أريد أن أكون شخصًا آخر، فأنا هو أنا، لا يُمكنني الهروب من نفسي، ولا أريد أن أهرب، هكذا أنا بما أولاني به ربي، فمَن أرادني على شاكلتي فليقبلني، وإلا فلا يعنيني مَن نأى وعارضني. بعد عام ونصف أحسستهم ثلاث سنوات، فيهم من المُعاناة، والاجتهاد، والبحث، والحماس كذلك، انتهيت منها في منتصف 2015م، وهكذا نشرت عنها على صفحتي فرحًا بمُنجزي، أسميتها حينئذٍ اسمًا تسويقيًا مُثيرًا من وجهة نظري.. (البوسطجي2) بعنوان فرعي (دماء وطين2) إشارة للعمل الأصلي العائد ليحيى حقي، مُتوازنًا بين ملكيتي وملكيته الفكريتين. راجعتها مرة سريعة، ثم كعادتي مع أعمالي، أُبقيها في حُجيرة التخزين بالقبو؛ ليُعتَّقوا.. حتى يحين الأوان لمسابقة أو نشر، والحقيقة أني ادخرت هذه الدُرة (في رأيي) لجائزة كُبرى أو نشر مميز يُقر عيني وصدري. مرت السنين، وسنة 2021م كنت أُوشك على بلوغ الأربعين، عندما أردت المشاركة للمرة الثانية في سلسلة كتابات جديدة بإدارة الصديق العزيز والأديب الكبير مُنير عُتيبة، مرتي الأولى كانت بروايتي (أُهديكِ زوجي)، لكنها لم تكن مُشجِعة للجنة القراءة كفاية للموافقة على النشر. أقصى سِن لقبول أعمال الكاتب في السلسلة هو أربعين، فكرت أنها السنة الأخيرة بالنسبة لي للمشاركة بها، لم أجد في قبوي عملًا مُلائمًا، انبثق اسم "البوسطجي2" إلى خاطري، إنها العمل الذي ادخرته لينال جائزة ما أو نشرًا ممتازًا، العمل الذي انتويته أن يليق بالساحة الثقافية مُحققًا شروط كل الأطراف. وهكذا قدمته لرئيس التحرير مُنير عُتيبة، الذي قدمه بدَوره إلى لجنة قراءة السلسلة، راسلني بثلاث تقارير، واحد منهم لم ينصح بنشرها إلا بعد مراجعة مُستفيضة، مع ذلك منحها نسبة جودة 70%. أما الآخرين، فالأول؛ أقتطع منه عِدة اقتطاعات: ( المعارضة لغة هي المحاذاة، واصطلاحا أن ينظم الشاعر قصيدته على غرار قصيدة أخرى سابقة، وهكذا اقتضت المعارضة وجود نموذج فني ماثل أمام الشاعر الذي يقوم بالمعارضة، ليقتدي بهذا النموذج أو يحاكيه أو يسعى إلى تجاوزه، وقد مارس الأندلسيون المعارضات النثرية، في بعض نصوصهم، لكن المعارضات في السرد القصصي ربما كانت فنا لم يمارسه أحد _ في حدود ما أعلم _ إلا صاحب الرواية التي بين أيدينا، ففيها يقيم معارضة روائية مع نص دماء وطين للكاتب الكبير يحيي حقي. فنسج على منوالها مستعيرا شخصياتها وأجوائها، وبؤرتها متمثلة في قصة الحب بين جميلة وخليل. وقد فرضت عليه المعارضة التي اختارها أن يصوغ سرده بلغة قديمة. هكذا كانت المعارضة _ رغم طرافة الفكرة _ قيدا على الكاتب الذي ألزم نفسه بما لا يلزم، لكنه رغم ذلك قدم نصا جيدا بلغة رصينة على الرغم من أن التزامه معارضة نص يحيي حقي حال في أحيان كثيرة دون انسياب السرد. وكان موفقا كذلك في اعتماده في أجزاء من النص على تقنية الرسائل. اللغة جيدة ورصينة. اللغة عموما سليمة وجيدة وخلت الرواية من أي ألفاظ نابية، ورغم حساسية الانتماءات الدينية للشخصيات (سلامة أرثوذكسي وخليل بروتستانتى والبوسطجي مسلم) إلا أن الرواية لم تقع في الفخ. يبدو من النص تمتع كاتبه بالموهبة، وسيطرته إلى حد كبير على أدواته، فجاء نصه جيدا. أتمنى التوفيق للكاتب الموهوب وأرى أن العمل يستحق النشر وأمنحه 85%) أما التقرير الأخير، والذي حسم الموقف، فأقتطع منه كذلك عِدة مقاطع: (الرواية تواصل حكيها المتجدد المتخيل حول مصائر أبطال رائعة يحي حقي البوسطجي، فكانت الأخيرة حافزا لاستكمال بعض أحداثها وشخوصها. أوصي بقوة بنشر الرواية لما تتضمنه من أساليب سردية متعددة الأصوات، وحكيها الشائق ولغتها الرائقة إلى حد كبير وعناية بالشخصية، وبنيتها الميتاسردية.) لم يكتفي رئيس التحرير بهذه التقارير، بل عرضها على أكثر من خبير، وحكموا عليها بأنها رواية جيدة. وقال لي بالنص أنها أخذت جهد 12 رواية ما يساوي مجهود باقي كُتب السنة، والمُراجعين بعضهم قرأها ثلاث مرات، وأن ما اشتغلوا عليه فيها هو نفس شغل دور النشر الغربية، تحرير العمل ومُرجعته بكل تفاصيله. تناقشنا أنا وهو كثيرًا في تفاصيل الرواية، وبعض نِقاطها، ومنها الاسم مثلًا؛ الذي غيرناه أكثر من مرة، فمرة مُستعاد، ومرة مُسترد، ومرة مُعاد للراسل، وأخيرًا رُسل الأقدار، الذي استقررنا عليه. كذلك، أثناء مُراجعتي للبروفة، فرق بيننا المُدقق بواو العطف التي زادها بكثرة فادحة، فلم أعد أستطيع ذِكرها كلها في ملاحظات تعديلها؛ مُدافعًا عن أسلوبي الذي تعلمته منه شخصيًا تجريد الجُمل من كل جملة؛ كي تحظى برشاقة قراءتها. رغم كثرة ما استبعدناه من الرواية، وما ارتضيته من توجيهات على مضض، إلا أنني استمتعت بتواصله معي ومُتابعة مراحل إخراج الكتاب، بالأخص عندما عرض عليَّ أكثر من غلاف لأختار منهم، واخترت الشكل الذي يُعبر أو يليق بالرواية، بلونين مُتضادين فحسب، كأنه التقط من أجلها؛ أربعة أبعاد؛ ضفة النهر القريبة الضحلة، ثم البيوت الطينية الفقيرة الغامقة المكونة من دور، وحولها النخيل السامق والشجر الوارف، ثم نهر أكبر، ثم ضفاف المدينة بمبانيها العالية الساطعة تحت الشمس، من ورائها ظل واسع للجبال. إنه مُختصر للرواية في لقطة واحدة. مع ألوانه الزاهية وتصميمه الرائق الذي أبدعته أنامل د.إيمان صلاح الفذة. كذلك؛ كلمة الغلاف التي اختارها أستاذ مُنير، كانت رائعة ومُعبرة وتحمل كثير من التشويق والدلالات. والحقيقة، فإن جهد الرجل فيها يُعادل مؤسسة بكاملها، ولا أدري كيف أُقدم له الشكر الجزيل على ما قدمه في الرواية ولها، واثقًا أنه ما فعل هذا كله إلا لأمرين، الأول قوة العمل الذي صرح لي به أكثر من مرة، والثاني العلاقة الودودة والمحبة الني تجمعنا سويًا. بعد حوالي سنة تقريبًا، صدر الكتاب بطبعته القشيبة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وللمرة الأولى ألمس كتابًا قيمًا بطبعته الفاخرة وأناقته وخلوه من الأخطاء، كأنما فنانين مُحترفين قاموا على إنتاجه، ولا ريب فتلك هي الحقيقة التي أثبتها الكتاب بين يدي. فعلًا صدق أديبنا المُحترف مُنير عُتيبة: رُسل الأقدار نالت شُغل دور نشر غربية. لذلك؛ فإنه يحق للقائمين على الهيئة ولأسرة تحرير السلسلة أن أشهد بما بذلوه، وأُثني على إسهاماتهم المُتخصصة في إخراج الرواية، وأوجه لهم الشُكر الجزيل واحدًا واحدًا على ما أسعدوني به، وأسعدوا كل قارئ سيقرؤها وهي بين يديه. @د.أحمد بهي الدين. أحمد توفيق Haytham Alhajaly محمد محمود Ekramy Fathy Emo Kimo قراءة مُمتعة، مُتيقن أنها ستنال إعجابكم.. محبتي واحترامي ومودتي،،، عُمر سُليمان القَشوطي
بين لحظتي المولد والتخرج "رُسُل الأَقْدار" عملي الأدبي السادس المُستقِل ما زلت أذكر تلك اللحظة التي انتهيت فيها من قراءة قصة البوسطجي في مجموعة (دماء وطين) للأديب الكبير يحيى حقي، كنت في أول شتاء 2014م ليلًا على ضوء مصباح خافت، أستعيد فيها الأحداث التي أقرأها على مَهل، وأُضمها إلى النهاية؛ نهاية "جميلة" وحدها. جميلة التي انتهت حياتها هي وطفلها في أعماق الريف، بكل ما كَنَّته من حُب وكلف لخليل الغِر، وكل ما احتوته من مواصفات متوازنة تجعلها زِينة البنات، لكنها غُدرت من كل الشخصيات التي حولها، ماتت مُتحملة أوزار الجميع. انبهرت بها يومها، أحببتها حبًا انغرس في مُهجتي، قدرت تضحيتها المُتفانية. ليلتها، في سكون النائمين بكيت.. بدموع حارة، لم أكبتها كما أكبت دموعي في العادة على كثرة المواقف التي تُثير مدامعي. بقيت أيام مُتأثرًا بها يكتنفني الحِداد، ولا أستطيع تجاوز قصتها إلى أي قراءات أخرى، باتت الأسئلة تتفتق في ذهني كما تتفتق حبوب الذرة في قِدر مُلتهب.. أهكذا ماتت في (طيس)؟ ولم يعبأ أحد، ولم يبكيها أحد؟ ولم يرثيها أحد؟! ظللت أفكر، مُستنكرًا النهاية المفتوحة التي انغلقت فقط بجميلة، لكنها فُتحت لجميع الشخصيات؛ ليعبروا ويتجاوزوا العقاب، ويُتابعوا حياتهم بتلقائية، كأنما لم يحصل شيء! استفزتني النهاية، للدرجة التي أشعرتني بالغيرة الأدبية من قُدرة الكاتب على ما صنعه في نفسي من شجن واستثارة.. مما آل بموهبتي المُتنامية في الخيال على ابتداع نهايات من رؤيتي التحليلية لبقية أشخاص الرواية القصيرة. أردت أن تكون روايتي فارقة، نية بدأتها، أشق بها طريقي بين القامات والقِمم الغفيرة السامقة على مستوى السرد والتقنيات والتجريب والموضوع.. وهكذا بدأت فيها، وعددتها مشروعي الأكبر من كل مشاريعي الصغيرة، أكتب ولا أعرف نهايتها، لكني كلما كتبت تفتحت لي طاقات ومسارات، شقت على نفسي كثرتها وطولها، لولا استعانتي بالله، فقد رُحت أُدون خططي وتحليلاتي؛ حتى لا تضيع في متاهات الحياة اليومية، التي أوقفتني شهور عديدة أحسستها سنتين، إلى أن أخذت نفسي بالشدة، وعُدت لكتابتها بدافع من طموحي، ورغبتي في معرفة ما ستصل إليه الشخوص من مصائر. قرأت أثناءها كثير من الكُتب، كل ما صادفني من كُتب أفدني فيها بشكلٍ ما، أعدت قراءة مجموعة دماء وطين بنظرة جديدة، أكثر من مرة، فألهمتني بعديد من المسارات والحبكات، أعدت كتابة دماء وطين كلها في رواية برؤيتي والمصائر التي تصورتها. عرفت عن يحيى حقي أكثر، وصِرت أتتبع كل ما قيل عنه وكَتبه أو قاله في مرئيات قديمة، أحسست كم أن هذا الرجل قريب مني شكلًا وموضوعًا؛ قواسم مشتركة ألفيتها بيننا؛ قِصر الطول، الحياء الشديد، العُزلة الاجتماعية، الهدوء الظاهري، الصراعات الداخلية، الطموح... حاولت أن أصبغ كتابتي بألوان ثقافية مُحايدة، لكني رغم ذلك كتبتني فيها بفِكري ولوني وشكلي وثقافتي المُتجذرين، طمأنني ذلك على نفسي، لا أريد أن أكون شخصًا آخر، فأنا هو أنا، لا يُمكنني الهروب من نفسي، ولا أريد أن أهرب، هكذا أنا بما أولاني به ربي، فمَن أرادني على شاكلتي فليقبلني، وإلا فلا يعنيني مَن نأى وعارضني. بعد عام ونصف أحسستهم ثلاث سنوات، فيهم من المُعاناة، والاجتهاد، والبحث، والحماس كذلك، انتهيت منها في منتصف 2015م، وهكذا نشرت عنها على صفحتي فرحًا بمُنجزي، أسميتها حينئذٍ اسمًا تسويقيًا مُثيرًا من وجهة نظري.. (البوسطجي2) بعنوان فرعي (دماء وطين2) إشارة للعمل الأصلي العائد ليحيى حقي، مُتوازنًا بين ملكيتي وملكيته الفكريتين. راجعتها مرة سريعة، ثم كعادتي مع أعمالي، أُبقيها في حُجيرة التخزين بالقبو؛ ليُعتَّقوا.. حتى يحين الأوان لمسابقة أو نشر، والحقيقة أني ادخرت هذه الدُرة (في رأيي) لجائزة كُبرى أو نشر مميز يُقر عيني وصدري. مرت السنين، وسنة 2021م كنت أُوشك على بلوغ الأربعين، عندما أردت المشاركة للمرة الثانية في سلسلة كتابات جديدة بإدارة الصديق العزيز والأديب الكبير مُنير عُتيبة، مرتي الأولى كانت بروايتي (أُهديكِ زوجي)، لكنها لم تكن مُشجِعة للجنة القراءة كفاية للموافقة على النشر. أقصى سِن لقبول أعمال الكاتب في السلسلة هو أربعين، فكرت أنها السنة الأخيرة بالنسبة لي للمشاركة بها، لم أجد في قبوي عملًا مُلائمًا، انبثق اسم "البوسطجي2" إلى خاطري، إنها العمل الذي ادخرته لينال جائزة ما أو نشرًا ممتازًا، العمل الذي انتويته أن يليق بالساحة الثقافية مُحققًا شروط كل الأطراف. وهكذا قدمته لرئيس التحرير مُنير عُتيبة، الذي قدمه بدَوره إلى لجنة قراءة السلسلة، راسلني بثلاث تقارير، واحد منهم لم ينصح بنشرها إلا بعد مراجعة مُستفيضة، مع ذلك منحها نسبة جودة 70%. أما الآخرين، فالأول؛ أقتطع منه عِدة اقتطاعات: ( المعارضة لغة هي المحاذاة، واصطلاحا أن ينظم الشاعر قصيدته على غرار قصيدة أخرى سابقة، وهكذا اقتضت المعارضة وجود نموذج فني ماثل أمام الشاعر الذي يقوم بالمعارضة، ليقتدي بهذا النموذج أو يحاكيه أو يسعى إلى تجاوزه، وقد مارس الأندلسيون المعارضات النثرية، في بعض نصوصهم، لكن المعارضات في السرد القصصي ربما كانت فنا لم يمارسه أحد _ في حدود ما أعلم _ إلا صاحب الرواية التي بين أيدينا، ففيها يقيم معارضة روائية مع نص دماء وطين للكاتب الكبير يحيي حقي. فنسج على منوالها مستعيرا شخصياتها وأجوائها، وبؤرتها متمثلة في قصة الحب بين جميلة وخليل. وقد فرضت عليه المعارضة التي اختارها أن يصوغ سرده بلغة قديمة. هكذا كانت المعارضة _ رغم طرافة الفكرة _ قيدا على الكاتب الذي ألزم نفسه بما لا يلزم، لكنه رغم ذلك قدم نصا جيدا بلغة رصينة على الرغم من أن التزامه معارضة نص يحيي حقي حال في أحيان كثيرة دون انسياب السرد. وكان موفقا كذلك في اعتماده في أجزاء من النص على تقنية الرسائل. اللغة جيدة ورصينة. اللغة عموما سليمة وجيدة وخلت الرواية من أي ألفاظ نابية، ورغم حساسية الانتماءات الدينية للشخصيات (سلامة أرثوذكسي وخليل بروتستانتى والبوسطجي مسلم) إلا أن الرواية لم تقع في الفخ. يبدو من النص تمتع كاتبه بالموهبة، وسيطرته إلى حد كبير على أدواته، فجاء نصه جيدا. أتمنى التوفيق للكاتب الموهوب وأرى أن العمل يستحق النشر وأمنحه 85%) أما التقرير الأخير، والذي حسم الموقف، فأقتطع منه كذلك عِدة مقاطع: (الرواية تواصل حكيها المتجدد المتخيل حول مصائر أبطال رائعة يحي حقي البوسطجي، فكانت الأخيرة حافزا لاستكمال بعض أحداثها وشخوصها. أوصي بقوة بنشر الرواية لما تتضمنه من أساليب سردية متعددة الأصوات، وحكيها الشائق ولغتها الرائقة إلى حد كبير وعناية بالشخصية، وبنيتها الميتاسردية.) لم يكتفي رئيس التحرير بهذه التقارير، بل عرضها على أكثر من خبير، وحكموا عليها بأنها رواية جيدة. وقال لي بالنص أنها أخذت جهد 12 رواية ما يساوي مجهود باقي كُتب السنة، والمُراجعين بعضهم قرأها ثلاث مرات، وأن ما اشتغلوا عليه فيها هو نفس شغل دور النشر الغربية، تحرير العمل ومُرجعته بكل تفاصيله. تناقشنا أنا وهو كثيرًا في تفاصيل الرواية، وبعض نِقاطها، ومنها الاسم مثلًا؛ الذي غيرناه أكثر من مرة، فمرة مُستعاد، ومرة مُسترد، ومرة مُعاد للراسل، وأخيرًا رُسل الأقدار، الذي استقررنا عليه. كذلك، أثناء مُراجعتي للبروفة، فرق بيننا المُدقق بواو العطف التي زادها بكثرة فادحة، فلم أعد أستطيع ذِكرها كلها في ملاحظات تعديلها؛ مُدافعًا عن أسلوبي الذي تعلمته منه شخصيًا تجريد الجُمل من كل جملة؛ كي تحظى برشاقة قراءتها. رغم كثرة ما استبعدناه من الرواية، وما ارتضيته من توجيهات على مضض، إلا أنني استمتعت بتواصله معي ومُتابعة مراحل إخراج الكتاب، بالأخص عندما عرض عليَّ أكثر من غلاف لأختار منهم، واخترت الشكل الذي يُعبر أو يليق بالرواية، بلونين مُتضادين فحسب، كأنه التقط من أجلها؛ أربعة أبعاد؛ ضفة النهر القريبة الضحلة، ثم البيوت الطينية الفقيرة الغامقة المكونة من دور، وحولها النخيل السامق والشجر الوارف، ثم نهر أكبر، ثم ضفاف المدينة بمبانيها العالية الساطعة تحت الشمس، من ورائها ظل واسع للجبال. إنه مُختصر للرواية في لقطة واحدة. مع ألوانه الزاهية وتصميمه الرائق الذي أبدعته أنامل د.إيمان صلاح الفذة. كذلك؛ كلمة الغلاف التي اختارها أستاذ مُنير، كانت رائعة ومُعبرة وتحمل كثير من التشويق والدلالات. والحقيقة، فإن جهد الرجل فيها يُعادل مؤسسة بكاملها، ولا أدري كيف أُقدم له الشكر الجزيل على ما قدمه في الرواية ولها، واثقًا أنه ما فعل هذا كله إلا لأمرين، الأول قوة العمل الذي صرح لي به أكثر من مرة، والثاني العلاقة الودودة والمحبة الني تجمعنا سويًا. بعد حوالي سنة تقريبًا، صدر الكتاب بطبعته القشيبة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وللمرة الأولى ألمس كتابًا قيمًا بطبعته الفاخرة وأناقته وخلوه من الأخطاء، كأنما فنانين مُحترفين قاموا على إنتاجه، ولا ريب فتلك هي الحقيقة التي أثبتها الكتاب بين يدي. فعلًا صدق أديبنا المُحترف مُنير عُتيبة: رُسل الأقدار نالت شُغل دور نشر غربية. لذلك؛ فإنه يحق للقائمين على الهيئة ولأسرة تحرير السلسلة أن أشهد بما بذلوه، وأُثني على إسهاماتهم المُتخصصة في إخراج الرواية، وأوجه لهم الشُكر الجزيل واحدًا واحدًا على ما أسعدوني به، وأسعدوا كل قارئ سيقرؤها وهي بين يديه. @د.أحمد بهي الدين. أحمد توفيق Haytham Alhajaly محمد محمود Ekramy Fathy Emo Kimo قراءة مُمتعة، مُتيقن أنها ستنال إعجابكم.. محبتي واحترامي ومودتي،،، عُمر سُليمان القَشوطي
عُمر سُليمان القَشوطي * أمير الخيال، روائي وقاص، مُفكر، ناقد متذوق. عُمرأحمدمحمدمصطفى سُليمان مصطفى القَشوطي. 6/10/1981م. إسكندرية، مِصر. ليسانس أصول الدين والدعوة الإسلامية، قسم تفسير القرآن الكريم وعلومه. إعاقة حركية نتيجة هشاشة عظام أدت إلى تشوه في الجسم والأطراف وقِصر قامة. إداري بمدرسة حكومي...
عُمر سُليمان القَشوطي * أمير الخيال، روائي وقاص، مُفكر، ناقد متذوق. عُمرأحمدمحمدمصطفى سُليمان مصطفى القَشوطي. 6/10/1981م. إسكندرية، مِصر. ليسانس أصول الدين والدعوة الإسلامية، قسم تفسير القرآن الكريم وعلومه. إعاقة حركية نتيجة هشاشة عظام أدت إلى تشوه في الجسم والأطراف وقِصر قامة. إداري بمدرسة حكومية. * صدرت له: رواية ”أرض رشيدة” 2014م. رواية ”الحُب المفقود، والمُغتربة“ 2017م رواية ”سيزورون“ 2020م ط1 ط2. رواية "أُهديكِ زوجي" 2021م. رواية"عنوان واحد" 2021م. رواية "رُسُل الأَقْدار" عن الهيئة المصرية العامة للكتاب2022م الحاصلة على قائمة طويلة في جائزة كتارا2023م. مجموعة قصصية "قرابة الإعاقة" 2024م. * صدرت له مع فريق "صُناع الأدبي" مجموعة قصصية: "زوجة تقليد"، شارك فيها بقصة قصيرة: "رغبة الروح" 2008م. وثانية مع فريق "القلم الحُر" الأدبي: "شبابيك على شارعنا" شارك فيها بقصة "للحب معانٍ مُحرمة" 2012م. وثالثة مع نفس الفريق "أنهار مُحرمة" شارك فيها بقصتين: "زواج النصر الأكبر" و"إله المسلمين" 2013م. صدرت له مجموعتين قصصيتين إليكترونيتين مع الفريق: ”ورق مُلون“، و“يُحكى أنَّ“. * صدر له كتاب نقدي إلكتروني: "على طاولة النقد" دراسة نقدية وفنية وفِ كرية لروايتي (عمارة يعقوبيان وشيكاجو). * حصل على جائزة الإدارة العامة للتمكين الثقافي لذوي الاحتياجات الخاصة لسنة 2013م في روايته ”الكلاسيكي”. * عضو مُختبرالسرديات بمكتبةالإسكندرية. عضو نادي الأدب بقصرثقافةالأنفوشي،ونادي القصة بقصرثقافةالشاطبي. عضو فريق "تمثيل كومنت" للكتابةالتفاعلية. أتم ورشة في فن التصوير والرؤى الفنية. أتم 3 ورش في التعليق الصوتي والدبلچة. *البريد الإلكتروني: [email protected] *واتساب: 01111718679

هل تنصح بهذا الكتاب؟