رواية سفر الاختفاء

ابتسام عازم

روايات

رواية سفر الاختفاء بقلم ابتسام عازم ....ما بين سرّ إختفاء الجدة "هدى" أو "تاتا" وسرّ إختفاء أربعة ملايين فلسطيني من يافا يقبع "علاء" بطل إبتسام عازم في روايتها "سِفْر الإختفاء ليقول بالأحداث والوقائع تاريخ مدينة، وقضية وطن، ومأساة أمة في تاريخ العصر الحديث.تقول الرواية حكاية الإحتلال الإسرائيلي ليافا، وحكاية الفلسطيني في نزوحه وتشرده وتسلله

 ومقاومته وإنكساره، وتروي الرواية أيضاً ما يحفّ بهذه الحكاية من حكايات جمعتها الروائية لترتق بها ثقوب الذاكرة العربية، وفي ظلّ هذا الواقع القاسي، يسرد الحفيد "علاء" ما روته له "الجدة"، عن تفاصيل تهجر عائلته من حي المنشية إلى حي العجمي في يافا "كأنه العتمة بلعتهم، كأن البحر أخذهم فدية" هكذا تصف الجدّة أيامها والذين شُردوا خلف البحر وأصبح السكان أربعة آلاف بعدما كان يفوق مئة ألف.وفي الرواية، تطرح الروائية جملة من المسائل والقضايا، من إدانة سلطات الإحتلال والممارسات التي اتبعتها تجاه السكان المحليين "لا خروج من العجمي إلا بتصاريح وحتى اسم يافا استولوا عليه عندما وضعوها تحت وصاية تل أبيب" إلى عقيدة المستوطنين وأيديولوجياتهم "أهمية التواجد الصهيوني في أرض إسرائيل التوراتية" إلى الدخول في أوضاع "أبناء الأقليات الذين يخدمون بالجيش الإسرائيلي مروراً بعرض وجهة نظر الإسرائيلي/ المواطن فيما يحصل "نلوم أنفسنا أحياناً على أمور ليس لنا أي ذنب فيها، ولكن هل هذا طبيعي لأننا ضحايا وملاحقون لمئات بل آلاف السنين" إلى طرح مسألة التوطين "هناك إتصالات مع دول الجوار للإتفاق حول توطين العرب الذين تركوا أرض إسرائيل عام 48، والذين يسمّون أنفسهم بفلسطينيين"، إلى النقد الذاتي لليسار حول أخطاء إسرائيل "لقد قمنا مراراً وتكراراً بالتحذير من سياسات التفرقة والعنصرية وعدم الإعتراف بالأخطاء التاريخية التي ارتكبتها المنظمات عند تأسيس الدولة، ومن بعدها الحكومات التي توالت" إلى الخطاب العام لِصُناع القرار في إسرائيل "بلادنا تمر بفترة صعبة تعد أخطر من تلك التي أعلنّا فيها إستقلالنا عام 48، إن هذا الظرف الإستثنائي يتطلب خطوات إستثنائية وإتحاداً لجميع القوى من اليسار إلى اليمين، لا يسار ولا يمين بعد اليوم، لا علماني ولا متدين، كلنا يد واحدة".هذه الحكاية التي يختلط فيها الحق بالباطل، والخاص بالعام، والذكريات والوقائع، تتداخل في خطابها الروائي تقنيات الرواية والسيرة واليوميات والرسائل وتقولها الكاتبة على لسان راوٍ واحد بصيغ متعدّدة هي المتكلم والمخاطب والغائب، أما صيغة السرد، سلة، تسير على رسلها، وتعكس قدرة واضحة لدى الكاتبة على السرد بطواعية ومرونة حتى إنه ليقترب من لغة الحديث العادي - اللهجة المحلية - الخالية من الزوائد والزخارف.وقد جاءت هذه الإلتفاتات إلى القارئ لتعزز هذا الإنطباع، ولتشحذ همّة هذا القارئ ورغبته في المتابعة، أما زمن السرد فيترجّح بين الماضي والحاضر، وغنيّ عن البيان طغيان الماضي على هذا الزمن (الإسترجاع والتذكر)، فالسرد لا يُتابع دائماً من حيث النقطة التي وصل إليها، بل قد يتوغل إلى نقطة سابقة لإستعادة تفاصيل وجزئيات معينة، ويأتي الحوار ليكمل السرد في الرواية، وليشاركا معاً في النسيج الروائي الواحد، وبجمل قصيرة ومتوسطة، ويقتصر على الضروري وبما يخدم فكرة الرواية.ولعل إبتسام عازم، بهذه الحكاية والخطاب واللغة، إستطاعت أن تقدم عملاً روائياً ضخماً، أطلّت فيه على مرحلة تاريخية كاملة، مفتوحة على كافة الإحتمالات ولعل بقاء النهاية مفتوحة ما يؤكد أن القضية - قضية العرب الأولى "فلسطين" ما تزال تنتظر…عن "نيل وفرات"

شارك الكتاب مع اصدقائك