رواية غرفة أبي

عبده وازن

روايات

لا أعلم ماذا عليّ أن أكتب اليك أيها الأب، ماذا عليّ أن أكتب عنك. انني أكتب لنفسي، أستعيد ماضيّ الذي كان جزءاً من حاضرك لأتذكرك. هل يمكن المرء أن يتذكر أباه وقد أصبح أكبر منه؟ هل يمكن شخصاً مثلي أن يفتقد أباه في الخمسين من عمره؟

   لعلني تأخرت. لكنني أبحث عنك كما لو أبحث عن نفسي أيها الأب. أعرف جيداً أنني لن ألقى سوى شذرات، مبعثرة هنا وهناك، لكنني أبحث، أبحث لئلا أجد ما أبحث عنه. إنني أكتب سيرة لك؟ أم لي؟ لا أعلم. هل في حياتي ما يستحق أن أكتبه؟ هل يمكن شخصاً مثلي أن يكتب سيرته؟ ماذا يهم الآخرين ان قرأوا عن حياة شخص هو أنا، شخص يعيش حياته وكأنها شخص آخر؟ ها انني أمام نفسي، عارياً كالورقة التي أمامي، أكتب وكلي ثقة أن ما أكتبه ليس الا ضرباً من الهباء. هل سأعيدك حياً أيها الأب أم أنني أدفنك مرة أخرى؟ لا أعلم ان كنت أكتب سيرتي أو سيرتك. ما أعرفه عنك لا يكفي حتى لجعلك شخصاً على هامش الحياة. ومع هذا أكتب سيرة لي، وربما سيرة لك. فالسيرة ليست أصلاً؛ سوى وهم بوهم. و”العقد عقد السيرة الذاتية” كما سماه أحدهم، لا يؤكد أنني شخص حقيقي يسرد فصولاً من حياته الشخصية.

شارك الكتاب مع اصدقائك