كتاب أرخبيل الفزع

أنيس الرافعي

مجموعة قصص

الخلق في داخلها. خلق ” اللانظام – الصحّيّ ” و” الضحايا المحتملين للمعارك منخفضة الحدّة ” كما أطلق عليهم المفكّر المستنير ” نعوم تشومسكي “، مصابون بالبارانويا الحادّة ، وعلى رؤوسهم الطير ، من جرّاء الوجل و عصاب الوباء الممعن في حصد طرائده من الأبرياء تباعا . إنّهم سكان

  قبر عموميّ مشترك ، وضحايا حالة النبذ الطوعيّ، المقيمون في زمن التكرّار الجامد والدائريّ والمغلق كبيضة طائر الرخّ الأسطوريّة المذكورة في رحلات السندباد البحريّ ، المكدّسون كما في لوحة ” انتصار الموت ” (1562) للرسّام الهولنديّ ” بيتر بروغل الأكبر “، المتلاصقون ، المكمّمون ، في أجواء جحيميّة تهدّد باستشراء تفشي العدوى فيما بينهم ( حال الأسواق والمقاهي والمساجد والأماكن العموميّة في بلاد الفراعنة ) ، تحفّ بهم من الخارج بقعة حبر سوداء قاتمة كأنّها الشرّ الجذريّ، أو ليل الوباء القدريّ الذي يخوّف بابتلاع الجميع. بلا مندوحة ، إنّها بقعة عنيدة ستظلّ ذكراها راسخة في القلوب والعقول، مقضّة للوجدان الجمعيّ حتّى بعد انتهاء الحرب الوبائيّة العالميّة الأولى ، ومن هنا الحاجة الملحّة لطبيب بالمعنى “النيتشويّ” لمعالجة حضارتنا ، التي ستغدو عليلة مدنوفة لسنوات طويلة قادمة . حضارتنا التائهة ، التي غيّرت ملامح قاعات التزلّج كي تصبح صالات لحفظ جثامين الموتى ، وصالات الألعاب كي ترتدّ قاعات للعنايّة المركّزة للمفورسين  

شارك الكتاب مع اصدقائك