وهذا ما نأمله من ساداتنا المسندين، حيث يحتاج الطالب إلى طرف من الدراية مع الرواية، ولا يجب أن نكتفي بالرواية وحدها. وقد مُنيت الأمة الإسلامية اليوم بكثرة الأسانيد وبعثرتها بين من يستحق ومن لا يستحق، وتحمَّل العلم من ليس له بأهل، فلا حول ولا قوة إلا بالله. وقد كانت الأسانيد زمان نهضة الأمة راية العلم ومنارة الهدى لمن ابتغى العلم صافيا نقيا، واليوم صارت الأسانيد مفخرة من المفاخر، ونوعا من العبث إذ وقعت بين أيد لا تحسن التصرف في العلم ولا التدبر ولا الفهم. وسبيل الخلاص من هذه المعضلة، هو الجمع بين الرواية والدراية، فإن التركيز على الفهم والمعرفة هو مطلوب الدين الأساس. ولا يعقل أن نكتفي بالإسناد وحده دون التطرق إلى شيء من الدراية ولو كان ذلك اختبارا وتقييما. وقد قمت بحمد الله بتدريس مجموعة من الكتب بأسانيدها وكنت أشرحها كلمة كلمة، وكان يطول الأمر لكن النفع الحاصل أعظم، وقد كان بعض الطلاب لا يطيق دروس الدراية أو يتعالى عليها وللأسف. أما بخصوص الطلاب المتقدمين في الفهم والذين أستأنس منهم الرشد والحكمة فكنت أكتفي بالاختبار أو التكليف بشرح جزء من الكتاب، ثم آخذ عليه المواثيق أن تقترن الدراية والرواية في مجالس الإسناد. هذا وأسأل الله العلي القدير أن يوفقنا لصلاح الأمة وبث الخير، ونشر العلم والفهم.
