كتاب التاريخ والوعي الطبقي

جورج لوكاش

الفكر والثقافة العامة

إن عملية جمع ونشر هذه المحاولات في كتاب، لا تهدف أبداً إعطاءها أكثر مما كان لها منفردة. وباستثناء المحاولة حول التشيؤ ووعي البروليتاريا وملاحظات منهجية حول قضية كانت لها أساساً، فإنها أبدعت بأكثريتها خلال العمل الحزبي، وكمحاولات، حتى توضح القضايا النظرية

 للحركة الثورية، إن بالنسبة للكاتب وإن بالنسبة لقارئيه. وبالرغم من إعادة صياغتها جزئياً الآن فإنها، وعلى أي حال، لم تخسر إطلاقاً طابعها كأعمال مناسبة... إن بعضاً من هذه المحاولات، ومع أنها كانت نقضاً لحدسها الأساسي، فإن ذلك أفضل، من إعادة صياغتها جذرياً. وهكذا ففي المحاولة، حول تغيير دور المادية التاريخية هنالك صدى لهذه الآمال المتفائلة إلى حد المبالغة، والتي طبعت الكثيرين بيننا، إن في المدى الطويل أم في نمط الثورة، إلخ. وعليه، ينتظرن القارئ نظاماً علمياً كاملاً، من هذه المحاولات... ومهما يكن من أمر، فإنها تكون مجموعة ما. وهذه المجموعة تفصح عن نفسها في تتالي المحاولات، فمن الأفضل إذن قراءتها حسب ترتيبها. إن المؤلف وببداعة، ينصح القراء غير المتمتعين بثقافة فلسفية أن يتجاوزا المحاولة حول التشيؤ وألا يقرأوها إلا بعد قراءة مجمل الكتاب. يجب الآن أن نوضح هنا، لربما كان ذلك نافلاً لكثير من القراء، رزوا لوكسمبورغ في عرضه وتفسيره ومناقشة هذا المذهب آخذاً مكاناً واسعاً في هذه الصفحات. وذلك لا لأن روزا لوكسمبورغ كانت، تلميذة ماركس الوحيدة، لما جاء عملها امتداداً حقيقياً لنتاج حياته، على صعيد الوقائع الاقتصادية، كما على صعيد المنهج الاقتصادي والتي، من هذه الناحية ارتبطت حسياً بالمستوى المعاصر للتطور الاجتماعي في هذه الصفحات، وانسجاماً مع هدفها، فإن النبرة المقررة قد تركزت على المظهر المنهجي، إن الدقة الاقتصادية، من خلال الوقائع، لنظرية التراكم لم تناقش أكثر من غيرها من نظريات ماركس الاقتصادية، بيد أن افتراضاتها ونتائجها المنهجية عي التي بحثت دون سواها. سيكون بديهياً لكل قارئ أن المؤلف حقاً موافق أيضاً مع محتواها، على أن هذه القضايا كان من المفروض أن تناقش بالتفصيل أيضاً، لأن اتجاه روزا لوكسمبورغ كان، ولما يزل جزئياً الآن، حاسماً، على المستوى النظري، لكثيرين من المارسكيين الثوريين غير الروسيين ولا سيما في ألمانيا. إن موقفاً شيوعياً بالفعل، ثوريا وماركسياً لا يمكن إسكابه لأي إنسان انطلق من هذا المنطلق إلا بمروره من خلال مناقشة نقدية لنتائج روزا لوكسمبورغ النظري. وإذا اتبعنا هذا الطريق، فإن كتابات وخطب لينين تصبح حاسمة من وجهة نظر منهجية. كذلك فإن هذه الصفحات لا تبتغي الدخول بالتفصيل في نتاج لينين السياسي. ولكن عليها -بسبب طابع عملها الأحادي الاتجاه والمحدود بشكل واع- أن تذكر بإلحاح أهمية المنظر لينين لتطوير الماركسية. إن وزنه المهيمن كسياسي يخفي اليوم عن الكثرين دورع كمنظر. فضلاً عن أن الأهمية العملية والمعاصرة لكل من تأكيداته عن اللحظة المعطاة، وهي دائماً أكبر بكثير من أن يتمكن الجميع أن يروا بوضوح أن الشرط الأولي لمثل هذه الفعالية تربع بنهاية التحليل في عمق وعظمة لينين كما في غزارته كمنظر. إن هذه الفعالية ناجمة عن كونه رفع جوهر الماركسية العملي إلى مستوى من الوضوح والتجسيد لم يبلغه من قبل، وعن كونه أنقذ هذا البعد من غفلة نسيان شبه تامة، وبعمل النظري هذا، فلقد ارجع إلينا مفتاح الفهم الصحيح للمنهج الماركسي. فالمقصود إذن - وهذا هو المعتقد الأساسي لهذه الصفحات- أن نفهم بشكل صحيح جوهر منهجية ماركس وأن نطبقها بشكل صحيح، وليس إطلاقاً أن "نصححها" بأي معنى كان، وإذا طالعتنا بعض الفقرات وقد تضمنت نقاشاً لبعض تصريحات إنجلز فقد يتم ذلك -كما يجب أن يلاحظه كل قارئ متفهم- باسم روح المذهب ككل، وانطلاقاً من المهفوم -صحيحاً كان أو خاطئاً- فإن المؤلف يمثل حول هذه النقاط الخاصة، ضد إنجلز بالذات وجهة نظر الماركسية المستقيمة.  

شارك الكتاب مع اصدقائك