كتاب التحفة المقدسية في مختصر تاريخ النصرانية

أبو محمد عاصم المقدسي

الأديان

كتاب التحفة المقدسية في مختصر تاريخ النصرانية بقلم أبو محمد عاصم المقدسي.. فهذه ورقات جمعتها وهذبتها ولخصتها حول تاريخ النصرانية ،وبين طياتها لفتات وتأملات في تناقضات الأناجيل الموجودة اليوم بين أيدي النصارى . سطرتها في السجن يوم وصل إلى يدي نسخة من العهد الجديد ، فوجدت في فراغ السجن فرصة لتقليبه ومطالعته .. وأحب أن أسجل هنا أن التصفح في هذه الكتب ، ودراسة حياة المسيح وغيره من الشخصيات المعاصرة له كزكريا ويحيى عليهما السلام وقصة ولادته ، وأم مريم وخبر ولادتها لمريم .. زادني ذلك كله إيمانا على إيماني …

خصوصا عندما كنت أتأمل التناقض والتضارب في الأناجيل..وأقرأ تلك القصص التي دونت قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بما يزيد عن "500" عام .

ثم أتأمل تلك القصص وأستمتع بقراءتها في القرآن العظيم بروايتها السلسة الممتعة المتناسقة ، التي لا تضارب فيها ولا تناقض ، والتي لا يأتيها الباطل من بيد يديها ولا من خلفها تنزيل من لدن عزيز حميد .

فإن هذا كان يزيدني إيمانا وتصديقا بصدق ذلك الرسول الأمي الكريم .. فأنى لمثل هذا الرجل الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب .. وفي أفقر الأمكنة والأزمنة كتابة وطباعة وترجمة ونشرا ، أن يتوصل إلى معرفة تلك القصص ، والأخبار بتفاصيل دقيقة فيها ، ثم يسردها ويرويها بذلك السرد القصصي المتناسق الشيق الرائع ..

بل وبأسلوب إعجازي يتحدى الخلق أن يأتوا بمثله على مر الأزمان ..
وهاهم منذ أكثر من أربعة عشر قرناً مبهوتين عاجزين ..

وأثناء هذه التأملات والنظرات وخلالها ، شعرت بالمعنى الحقيقي ، لقوله تبارك وتعالى بعد أن يسرد شيئا من تلكم القصص والأخبار .. حيث يقول مخاطبا نبيه ، معرّضا بمن يشككون بصدقه وصدق القرآن :

(( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك . وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون )) 44 سورة آل عمران .

وأخيرا فإن الموحد البصير عندما ينظر في حال الأمة النصرانية .. وما آلت إليه من اختلاف عظيم في ربها ، وتخبط في نبيها .. وتخليط في دينها ، لتعظم في نفسه نعمة الله عليه بالهداية للإسلام والتوحيد .. فيا لها من نعمة تستحق طول شكر وحمد وثناء ..

فلا بد أخا التوحيد ، أن تستحضر هذه النعمة وأنت تنظر في تناقضات القوم وتخليطاتهم وتخبطاتهم ..
ورحم الله ابن القيم إذ يقول وهو يتكلم عن اختلاف النصارى الأوائل :
( هم كما ترى حيارى تائهون ضالون مضلون لا يثبت لهم قدم ، ولا يستقر لهم قول في إلههم ، بل كل منهم قد اتخذ إلهه هواه ، وصرّح بالكفر والتبري ممن اتبع سواه ،قد تفرقت بهم في نبيهم وإلههم الأقاويل ، وهم كما قال الله تعالى : (( قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل ))
فلو سألت أهل البيت الواحد عن دينهم ومعتقدهم في ربهم ونبيهم ، لأجابك الرجل بجواب وامرأته بجواب وابنه بجواب والخادم بجواب ، فما ظنك في عصرنا هذا ، بمن قد طال عليهم الأمد ، وبعد عهدهم بالمسيح ودينه ، وهم نخالة الماضين وزبالة الغابرين ، ونفاية المتحيّرين ) أهـ إغاثة اللهفان (2/281)

وبعد … فها أنا ذا أضع بين يديك في هذا المختصر ، خلاصة بل عصارة ألفي (2000) عام مضت من تاريخ النصرانية ..
أوفر عليك فيها جهد الغوص في كتب التاريخ وتضاربها ، وأريحك من عناء مطالعة المطولات في هذا الباب ، وأخلصك من هم تقليب أناجيل القوم وإضاعة الوقت في النظر فيها وفي ملحقاتها ..
فدونك مجهود أيام ..
أقدمه لك في هذه الورقات ..لتقرأه وتحصله في ساعة من الزمان .. على أن لا تنساني من دعوة بالثبات على دين الحق ، حسن الختام ..
وقد قسمته إلى أربعة فصول وخاتمة
أسأل الله تعالى حسن العقبى والخاتمة ..
والحمد لله رب العالمين .

وكان الفراغ من تبييضه
في سجن البلقاء
ليلة العاشر من ربيع الثاني
لسنة 1418 من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام
وكتب / أبو محمد المقدسي 

شارك الكتاب مع اصدقائك