كتاب الحب أن

فراس حج محمد

الشعر

كتاب الحب أن PDF بقلم فراس حج محمد ... ديوان شعر، أصدره صاحبه بمناسبة عيد الحبّ، عام 2017، ليكون هدية لمرأة ما. صدر عن دار الأمل في الأردن. يقع الديوان في 175 صفحة من القطع المتوسط، ويتألف من مقدمات لازمة، وحركات شعرية (120) حركة شعرية تبدأ كل واحدة منها بتعبير (الحبّ أنْ) وتتنوع قصائده بين شعر التفعيلة وقصيدة النثر والقصيدة الكلاسيكية. كتب الناقد الفلسطيني رائد الحواري عن الديوان قائلا: أشكال الحب في ديوان "الحب أنْ" للشاعر فراس حج محمد رائد محمد الحواري/ فلسطين "فراس حج محمد" كاتب متخصص، يستطيع أن يكتب في مواضيع عادية، لكن بلغة أدبية راقية، ويستطيع أن يكتب كتابا كاملا عن موضوع واحد، .....، وفي هذا الكتاب يؤكد لنا أنه صاحب طريقة خاصة في الكتابة تختلف عن الآخرين، فهو يضع لنفسه مكانة خاصة، لا يقلّد أحدا، ومن الصعب على الآخرين تقليد ما يكتبه. موضوع الحب من المواضيع المحببة التي تجذبنا إليها، فنغترف منها لنروي عطشنا، عطشنا ليس للمرأة فحسب، بل إلى الطبيعة، إلى الله، إلى الكتابة والفنون، إلى المكان والجغرافيا، فالحب عند "فراس حج محمد" لم يقتصر على المرأة وحدها، لهذا نجده يلبي احتياجات الحب كافة عند المتلقي، فأي نوع من الحب نجده في كتاب "الحب أن"؟ وكأنه موسوعة في الحب، أو كتاب شامل عن الحب. دائما الموضوع المراد طرحه من الكاتب يحتاج إلى لغة معينة، وإلى الفاظ محددة، يستعين بها لتقديم المادة الأدبية للمتلقي، وبما أن الموضوع ناعم وسلس وجميل، سنجد أن الألفاظ واللغة والصور والفكرة كلها تتآلف معا لتكون جسما واحدا، يستطيع أيّ كان، إن اعتمد على الفكرة أو على اللغة أو على الألفاظ أو على الصور أن يستمتع ويصل إلى الفكرة المطروحة في الكتاب، وهذا يحسب للكاتب الذي استطاع أن يجمع كل عناصر الكتابة معا لتتوحد وتعطي/ تخدم/ تقدم الفكرة للمتلقي. وإذا ما أضفنا إلى ما سبق تعدد الأصوات في النص، بمعنى أن الحديث/ الكلام لم يقتصر على الكاتب وحسب، بل نجده جعل المرأة تتحدث بلغتها هي، بما تحمله من مشاعر تجاه الرجل/ الحبيب، وهذا يمثل تمرداً على شيء متعارف عليه اجتماعيا، فالكاتب يتمرد/ يتجاوز المألوف ويقدم مفهوم الحب من خلال صوت المرأة، التي نكاد نهملها حتى عندما نتحدث عنها، لكن الكاتب كان أكثر حكمة وعدالة منا عندما أسمعنا صوتها، حاجتها، مشاعرها. إذا دخلنا إلى "الحب أن"، فعلينا أن نتوقف متأملين ما جاء في الكتاب، فنجد هناك نصا مطلقاً، وعندما نقول: "نص مطلق"، فنعني بذلك انسجام اللغة واللفظ والفكرة والمضمون، بحيث لا نجد لفظاً يتناقض مع الفكرة المطروحة، وعندما يكون النص المطلق في كتاب فيعني هذا توحُّد الكاتب مع نصه، مع ما كتبه، وكأن النص والكاتب شيءٌ واحد. سنحاول تناول ما جاء في الكتب لتوضيح ما قدمه لنا الكاتب من صور ولغة وأفكار عن الحب، و النص مطلق هنا، لا يوجد فيه أي لفظ شاذ، يتعارض مع الفكرة، ونجد اللغة تنسجم مع الفكرة، ونجد الصور الأدبية ممتعة وشهية، ويمكن للمتلقي أن يذهب أينما شاء فيما رسم لنا من صور، حضور الطبيعة والمرأة معا يعطيان النص جمالية ومتعة تضاف إليه، فالنص بهذا الشكل جذاب وممتع وينتشي به. نحن هنا أمام حالة إيمانية مطلقة، فهو يسجد في المساء، ويرتل في الصباح، ويجد عظمة وجمال الله في نور القمر البهي، وإذا ما تأملنا في المقاطع السابقة نجد الكاتب يقوم بفعل السجود والتلاوة ليس للعبادة، وإنما للمتعة، من أجل الحب، حب الخالق الذي أوجد هذا البهاء والجمال. حب المكان من الطبيعي أن نحب المكان، نحب الوطن، نحب الجغرافيا التي منحتنا الخير والفرح، المكان له أثره علينا، ويبقى فاعلا وحاضرا فينا. دعوة للحب، ونشرة في الفضاء ليتساقط مع المطر ومن ثم لينتفع به كل الناس، الكاتب حدد جغرافيا معينة من خلال أسماء المدن، ثم انتقل إلى التعميم، فلم يحدد الجبل أو الغار، وكأنه يريد الحب أن يكون أمميا لكل الناس، كما هي السماء لكل الناس، وأعتقد أن الكاتب كان موفقا تماما عندما جعل نهاية النص يتحدث عن السماء وعن الله، لأن مدلولهما عام وشامل، ولا يختص بقوم محدد.

شارك الكتاب مع اصدقائك

2024-02-14

المرأة المطلقة في ديوان"الحب أن"
النص الجميل لا يجعلنا نكتب عنه، نتناوله بما فيه من جمالية، بل يمتعنا كلما قرأناه أكثر، فهو كالأغنية الراقية، كلما استمعنا إليها أحببناها ووجدنا أنفسنا بحاجة إلى سماعها مرة أخرى، أعتقد بأن ديوان"الحب أن" يأخذ هذه الحالة.
تناولت في الوقفة السابقة شيئاً مما جاء في الديوان، وللسرعة تجاهلت أشياء منه، فكان لا بد من التطرق إليها، ولو بعد حين، فهناك ما يشبه المدخل للديوان، وضعه الشاعر على شكل نصوص نثرية، تذكرني بما جاء على غلاف رواية"قصة حب مجوسية" لعبد الرحمن منيف، فهناك مقاطع نارية تفتح النص أمام المتلقي لينهل منه بسرعة وبشوق ورغبة جامحة، وهذا ما فعلة"فراس حج محمد".
يعطينا الشاعر لا أقول (صورة) المرأة المطلقة، بل المرأة المطلقة التي تصل/ تتماثل مع الربة"عشتار" بتأثيرها علينا، فهي من تمنحنا الفرح وتحمينا من الأخطار، ربة الحرب وربة الحب، هكذا هي"عشتار" تحمي من العدو، من الأخطار، وتمنحنا الحب والفرح اللذة والمتعة والبهجة، فهي مصدر الحياة، وليست الحياة العادية بل تلك الحياة السعيدة والمترفة، من هنا تأخذ صفات تقارب صفات الإله، ولهذا عبدتها المجتمعات الهلالية القديمة، وانتقلت بهذا إلى حضارات أخرى كاليونانية من خلال ربة الجمال"أفروديت". يقدمها لنا الشاعر في نص:"امرأة من المطلق":
"لم أكن مبالغا عندما وصفتك يوما أنك مانعة الصواعق التي تحمي نفسي من الاحتراق والدمار، وتحرسني من الفزع، أكاد وأنا هنا وحيد في هذا الفراش البارد رغما عن حرارة الصيف يدفئني عطرك الذي يملأ كياني كله.
فلو أن كل العاشقات مثلك لأصبح الرجال شجرا في جنة الأرض خالدين، أنك أبعد من حب ومن وحي ومن إلهام، إنك أنت الذات ذاتها وكينونتي المكتملة" (ص"ش")
دون أدنى شك، فإن المرأة تأخذ امرأة مطلقة، كاملة، نحتمي بها من الأخطار، وتحمينا منها، فهي تقوم بدور الحماية على أكمل وجه.
وإذا ما توقفنا قليلا على ما جاء في المقاطع السابقة، سنجد هناك شيئا يتقارب مع حالة وجودنا في رحم أمهاتنا، كأن الشاعر يريد العودة إلى ما كان فيه قبل أن يخرج إلى الحياة، يريد تلك المرأة التي كانت تحميه وحده، تحميه دون بقية الناس، فهي كانت له، وهو كان لها، لا شريك، لا دخيل بينهما.
ويحمل هذا المقطع أيضا شيئا من فكرة التوحد الصوفية، فلا حياة كاملة، صافية، خالصة دون ذاك التماهي بين الروحين، بين الجسدين، هذا ما يوحيه المقطع الأول.
المقطع الثاني نجد في فكرة صوفية خالصة فالمرأة هي مانحة الكمال والخلاص والخلود ودونها، دون التماهي معها لا كمال لنا، لا فرح لنا، لا خلود لنا، فهي أصل مصدرة الحياة، فالمرأة هي كل ما هو محفز للتألق والتمتع في الحياة.
في المقطع"التثليث الشعري وتوحيد الوحيد" يؤكد الشاعر أن المرأة المطلقة ملهمة لفنون الشعر:"هنا ستخرج القصيدة معنى روحيا كنشيد الأناشيد نكتبها في أقانيم ثلاثة: الشاعر والحبيبة والقصيدة، لأشركهم في ذات الحب والوحي والجمال.
كم هي شاعرة جميلة، شاعرة عظيمة، وهي تلهم شاعرها ليكتبها كما تحب القصيدة/ الحبيبة وتشتهي.
عليها أن تستفز الغيوم من مراقدها لتهطل دفئا شعوريا يغمر الكون بنورها ونور الجمال السرمدي عندما تعشق شاعرة، تعشقك عليك أن تكون جميلا في كل أوقات القصيدة وطقوس فتنتها الرائية" ص" ض" كما قلنا في موضع غير هذا، عناصر الفرح تكمن في المرأة والطبيعة والكتابة والثورة، الشاعر يجمع ثلاثة عناصر للفرح، ويوحدها معا لتكون شيئا واحداً، الثلاثة هم واحد، والواحد هو الثلاثة، من هنا نجد استخدم لفظ"أقانيم" فهو يريدنا التقدم من فكرة التوحيد بين الحب والقصيدة والمرأة، لتكون عناصر الفرح الثلاثة مكتملة وناضجة لإحداث العنصر الرابع للفرح، الثورة/ التمرد، فهو لا يتعامل/ يتعاطى مع عناصر منفصلة، بك موحدة ومكتملة، لكي يقوم بثورته بنجاح، ولكي يكون التغيير حاسما، هذا ما جاء في فاتحة ديوان"الحب أن".

الناقد رائد الحواري