كتاب بذور الرشد: تفسير سورتي الطلاق - التحريم

محمد باباعمي

التفاسير

كتاب بذور الرشد: تفسير سورتي الطلاق - التحريم للمؤلف محمد باباعمي وسببُ التقوى، بل وسرُّها، أن نقدر الله تعالى حقَّ قدرِه، وأن نعرف قدرنا حتى لا نظلمها بأن نُعلي من شأنها إلى مقام الألوهية، أو نُدني من شأنها إلى حضيض الحيوانية؛ فمن عرف نفسه عرف ربَّه، ومن عرف ربَّه عرف نفسه؛ ومن عرف ربَّه ونفسَه كان حقيقا بالسعادة في

  الدارين، وبالطمأنينة في كل آن وحين؛ وليس أدلَّ على هذا المعنى من ختمِ السورة بقول الله تعالى: "اللهُ الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهنَّ، لتعلَموا أنَّ الله على كلّ شيءٍ قدير، وأنَّ الله قد احاطَ بكلّ شيءٍ علما". صاغت لنا سورة التحريم "صورة المرأة المثالية"، عبر الأزمان؛ كما حذَّرت من صورة "المرأة المثال في الكفر" ومجانبة الحقّ؛ فكانت امرأةُ نوح وامرأةُ لوط عنوانا لمن نشأ في بيت النبوة ثم اختار الفسوق طواعيةً؛ وكانت امرأة فرعون على نقيضهما، حيث اختارت الحقَّ وهي ترعى داخل أضلِّ بيت، وتحت كنف أعتى فاجرٍ وأخبثِ كافر؛ وكانت مريم ابنت عمران نموذجا يحتذى في الطهر والعفاف؛ ذلك أنها "صدَّقت بكلمات ربها وكتابه وكانت من القانتين".والسورة دالة بوضوح أنَّ الإنسان، رجلاً كان أو امرأة، مسؤول عن خياراته، لا يحاسَب بجريرةِ أحدٍ؛ ولا يملك أحدٌ أن يفرض الإيمانَ أو الكفر على أحدٍ؛ إلاَّ إذا وجد فيه استعدادًا لذلك؛ ولذا كانت "القاعدة الكلية": "لا تزر وازرة وزر أخرى"، ومدلولها: "كلُّ نفس بما كسبت رهينة"

شارك الكتاب مع اصدقائك