
أما بعد، فإن علم أصول الفقه من أجل العلوم الشرعية، إذ به تفهم النصوص، وتستنبط الأحكام، ويضبط الاجتهاد. ومن أهم مباحثه مسألة تعارض الأدلة الشرعية، التي تشغل بال المجتهدين والفقهاء منذ عصر الصحابة رضوان الله عليهم إلى يومنا هذا.
فقد يرد النص الشرعي من الكتاب أو السنة، أو يستدل بدليل اجتهادي، فيظهر ظاهره حكما معينا، ثم يرد دليل آخر يظهر خلافه، فيحتاج المجتهد إلى موازنة بين الأدلة واختيار الراجح منها وفق ضوابط محكمة. وهذا ما يعرف ب "التعارض والترجيح"، وهو مبحث دقيق يحتاج إلى فقه عميق، ومعرفة واسعة بمناهج العلماء في الجمع بين النصوص، أو ترجيح بعضها على بعض عند تعذر الجمع.
وقد تنوعت مناهج العلماء في معالجة تعارض الأدلة، فمنهم من اعتمد الجمع والتوفيق أولا، ومنهم من توسع في الناسخ والمنسوخ، بينما ركز آخرون على مراتب الأدلة وقوتها الاستدلالية، أو اعتمدوا قرائن الترجيح من حيث السياق، أو اللغة، أو مقاصد الشريعة.
يهدف هذا الكتاب إلى كشف منهجية العلماء في التعامل مع التعارض الظاهري بين الأدلة، وبيان الأسس التي اعتمدوها في الترجيح، مع عرض أمثلة تطبيقية من التراث الفقهي تبرز دقة هذا العلم وأهميته في ضبط الاجتهاد.
وقد جعلنا هذا البحث في عدة فصول، نبدأها بتمهيد حول حقيقة التعارض في الأدلة الشرعية، ثم ننتقل إلى أنواع التعارض وطرق حله، لنختم بمناهج العلماء في الترجيح مع نماذج تطبيقية من المذاهب الفقهية.
نسأل الله تعالى أن ينفع بهذا العمل، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يوفقنا إلى الصواب في القول والعمل، إنه نعم المولى ونعم النصير.
تأليف
فضيلة الشيخ
حذيفة بن حسين القحطاني
أما بعد، فإن علم أصول الفقه من أجل العلوم الشرعية، إذ به تفهم النصوص، وتستنبط الأحكام، ويضبط الاجتهاد. ومن أهم مباحثه مسألة تعارض الأدلة الشرعية، التي تشغل بال المجتهدين والفقهاء منذ عصر الصحابة رضوان الله عليهم إلى يومنا هذا.
فقد يرد النص الشرعي من الكتاب أو السنة، أو يستدل بدليل اجتهادي، فيظهر ظاهره حكما معينا، ثم يرد دليل آخر يظهر خلافه، فيحتاج المجتهد إلى موازنة بين الأدلة واختيار الراجح منها وفق ضوابط محكمة. وهذا ما يعرف ب "التعارض والترجيح"، وهو مبحث دقيق يحتاج إلى فقه عميق، ومعرفة واسعة بمناهج العلماء في الجمع بين النصوص، أو ترجيح بعضها على بعض عند تعذر الجمع.
وقد تنوعت مناهج العلماء في معالجة تعارض الأدلة، فمنهم من اعتمد الجمع والتوفيق أولا، ومنهم من توسع في الناسخ والمنسوخ، بينما ركز آخرون على مراتب الأدلة وقوتها الاستدلالية، أو اعتمدوا قرائن الترجيح من حيث السياق، أو اللغة، أو مقاصد الشريعة.
يهدف هذا الكتاب إلى كشف منهجية العلماء في التعامل مع التعارض الظاهري بين الأدلة، وبيان الأسس التي اعتمدوها في الترجيح، مع عرض أمثلة تطبيقية من التراث الفقهي تبرز دقة هذا العلم وأهميته في ضبط الاجتهاد.
وقد جعلنا هذا البحث في عدة فصول، نبدأها بتمهيد حول حقيقة التعارض في الأدلة الشرعية، ثم ننتقل إلى أنواع التعارض وطرق حله، لنختم بمناهج العلماء في الترجيح مع نماذج تطبيقية من المذاهب الفقهية.
نسأل الله تعالى أن ينفع بهذا العمل، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يوفقنا إلى الصواب في القول والعمل، إنه نعم المولى ونعم النصير.
تأليف
فضيلة الشيخ
حذيفة بن حسين القحطاني
المزيد...