كتاب حصيلة العقلانية والتنوير في الفكر العربي المعاصر

حسن حنفي

الفكر والثقافة العامة

كتاب حصيلة العقلانية والتنوير في الفكر العربي المعاصر بقلم حسن حنفي..يضم هذا الكتاب بين طياته الأوراق والتعقيبات والمناقشات التي قدمت في الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية تحت عنوان "حصيلة العقلانية والتنوير في الفكر العربي المعاصر"، والتي دارت حول العقلانية والتنوير مربوطة ربطاً مباشراً بإصدارات المركز عن تكوين العقل العربي، وبنية هذا العقل، ومحدداته وتجلياته، ومنظومته القيمية.


وإذا ما عدنا لجلسات هذه الندوة الثماني نجد أنها قد انتظمت في مجموعة من المحاور. المحور الأول محور التعريف، فمع أن التعريف بأحد شقي العنوان أي العقلانية لم تختص بورقة مستقلة بذاتها، إلا أنه مس في ثنايا الأوراق وفي إطار المناقشات حيث تم التمييز بين العقل من جهة والعقلية والعقلانية من جهة أخرى. فالعقلانية بمعناها الضيق إعمال للعقل، وبمعناها الواسع تفيد الاجتهاد والمعاصرة إيجاباً، والتقليد والمحافظة سلباً، وفي الحالتين فإنه لا عقلانية من دون عقل لكن العقل ليس وجوبياً كي تكون هناك عقلانية. وهذا مبعث التمييز في إحدى الأوراق بين عقل عقلي وعقل لا عقلي. وفي التعريف بالتنوير وقع تمييز بين فلسفة الأنوار التي هي المصدر الأساس للتنوير بما هي حركة فكرية وظاهرة ثقافية، والتنوير بركائزه المعلومة من تقدم وحرية وعقلانية، وظلت العلاقة بين العقلانية والتنوير كنتاج تمركز أكبر، كونها صدرت في النقاش حيناً على أنها علاقة بين مترادفين.

المحور الثاني، محور المصادر والجذور وهو محور خالط سابقه بشكل واضح، وإن جاءت نقاشات الندوة لتسلط الضوء على المصدرين الأساسيين للعقلانية العربية، وهما المصدر الإسلامي والمصدر الغربي. الأول موروث والآخر وافد. وفي مقاربة العرب لحظة يقظتهم الأولى فعلوا من خلال إشكال حضاري لم يتجاوزوه، ولا يزالون، وهذا هو إشكال استحضار الغرب كخصم في المطلق أو الوقوع في أسره والقيام بدور الشراح على المتون دون إضافة أو تطوير.

المحور الثالث، محور تصنيف تيارات العقلاتية في الفكر العربي، وقد اعتمدت العلاقة بين العقل والدين في هذا الميز والتصنيف، وما بين علاقة تقول بأولوية الدين أو كما ذكر الوصي على العقل، وأخرى تقول بأولوية العقل على الدين، وثالثة تقول بأن الدين والعقل صنوان وذلك بنزعة توفيقية حيناً تلفيقية حيناً مفارقة لواقع الحال أسيرة الثنائية الشهيرة بين الأنا والآخر في أغلب الأحيان. وعلى هذا الأساس وقع تصنيف تيارات العقلانية في الفكر العربي المعاصر إلى تيارات إصلاحية وليبرالية وعلمانية علمية وبين بين، أو إلى تيارات وصفية ونقدية وتراثية، أو إلى تيارات علمية وليبرالية ونقدية، أو إلى تيارين ليبرالي وسلفي.

المحور الرابع والأخير، محور التقويم وكان ثمة اتفاق على هزال حصيلة العقلانية في الفكر العربي المعاصر، بل وتراجع من الإصلاحية إلى الإحيائية إلى السلفية، لأسباب أكثرها يتعلق بأزمة الدولة القطرية ونخبها الحاكمة وتسلطيتها على نحو لا يشجه على نمو تيار الوسط. لكن أبرز النقاش أن من المهم التدقيق في رصد حركة الصيرورة الفكرية للتيارات العقلانية المختلفة، لأن النكوص عن الإصلاح قد لا يكون نكوصاً بالضرورة بل التفات إلى ما قد يكون غفل عنه البصر. كما أنه قد يكون وليد تغير الظروف الداخلية والخارجية. 

شارك الكتاب مع اصدقائك