كتاب شرح كتاب أحاديث في الفتن والحوادث

عبد الرحمن بن ناصر البراك

الفكر والثقافة العامة

كتاب شرح كتاب أحاديث في الفتن والحوادث للمؤلف عبد الرحمن بن ناصر البراك  مقدمة الشارح الحمد لله، وصلى اللهم وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، نبدأ معكم -أيها الأخوة الأحباب- هذه الدروس في هذه الدورة العلمية المباركة، نفعنا الله وإياكم بما علّمنا، وزادنا وإياكم علما وهدى وتوفيقا. العلم الشرعي المستمد من كتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- هو العلم على الحقيقة، هو العلم الذي يوجب الشرف، ويوجب السعاة والسيادة الحقيقية، وأهل هذا العلم هم الذين أثنى

 الله عليهم، واستشهدهم على وحدانيته، وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته، وهم الذين ضمن الله لهم الرفعة، قال تعالى:             ( ). هذا العلم المستمد من كتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- هو للعقل بمثابة النور، يعني هو نور للعقل، كما أن الله هو النور الحسي، نور للعين الحسية، كما يقول ابن القيم معبرا عن هذا المعنى، يقول: نور النبوة مثل نور الشمس للعين البصيرة فاتخذه دليلا . فينبغي لكل مسلم أن يُعنَى بهذا العلم، ويجتهد فيه بتحصيل، ويجتهد في تحصيله ولا سيما من منحهم الله أسبابه، الأسباب الذاتية الخلقية منها الإدراك والفهم والمواهب الذهنية، وكذلك من هيأ الله له الأسباب المعينة منها الفراغ، وكذلك الصحة في بدنه، والكفاية المالية وأنه لا يشغله طلب المعاش والقوت، بل هو قد يسر الله له الكفاية بأي سبب من الأسباب التي قدرها الله -سبحانه وتعالى- وأباحها وأنعم بها. وهذه الدورات العلمية التي يقوم عليها المهتمون بنشر العلم، هذه أيضا من الفرص التي تُغتَنَم ويُختَار لها هذا الوقت, وقت الفراغ من كثير من المشاغل المعتادة والارتباط بالدراسات النظامية والمنهجية، فجدوا واجتهدوا واحتسبوا، نسأل الله لنا ولكم حسن القصد وحسن العمل. والعلوم الشرعية مدارها على ثلاثة، يعني وأقسامها ثلاثة: العلم يعني معرفة الله، ومعرفة الطريق الموصلة إليه، ومعرفةالجزاء وأمور الدار الآخرة، لكن العلوم الشرعية بحسب تفريع العلماء لها وتنويع العلماء لها هي كبيرة؛ التفسير، وهو بيان معاني القرآن، هذا يشمل المعاني التي في القرآن، وهي أنواع، في التوحيد يختص بما يتعلق بمعرفة الله -سبحانه وتعالى- وما يتعلق بأصول الاعتقاد كالإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالرسل، أصول الاعتقاد الستة، الأصول الستة. وهناك علم الحديث، علم الرواية، وعلم الدراية، علم الحديث يختص بما يتعلق بما جاء عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- من قوله أو فعله أو تقريره؛ لأن هذا هو الحديث، فالحديث في مصطلح العلماء: هو كل ما نسب إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- قولا أو فعلا أو تقريرا، يعبر عن هذا بالسنة، سنة الرسول -عليه الصلاة والسلام- القولية والفعلية والتقريرية. وقد قيض الله لسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- حفاظا من الصحابة، ثم التابعين، ثم من تبعهم، ثم قيّض الله لها من يجمعها من أفواه الرواة ويرتبها، وصنف العلماء أنواع المصنفات في الحديث؛ المسانيد، والسنن، والصحاح، ومن أشهر ذلك الأصول الستة، الأمهات الست: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وغيرها من المصنفات كثير. ومن التصانيف في الحديث المختصرات، فهذه أمهات فيها جمع الأحاديث مرتبة على الأبواب وبالأسانيد، لكن هناك المختصرات، وهي المصنفات التي عنيت بجمع الأحاديث، متونها مع عزوها لمصادرها الأصلية، وهذا التصنيف يعني أهل العلم تتنوع مقاصدهم في التصنيف، فمنهم من يقصد إلى جمعه، يعني الصحيح، ومنهم من ينتخب من الأحاديث أنواعا معينة، وهذه المصنفات مرتبة على الأبواب، أبواب العلم، ولا يقتصر فيها على نوع، بل يشمل ذلك كل أنواع السنة، فتذكر في هذه المصنفات الأمهات تذكر فيها المعاني كل ما يتعلق بالمسائل والأحكام العملية أو المسائل الاعتقادية، مثل: كتاب والقدر، والتوحيد، والإيمان. ومن الكتب والأصناف التي أيضا أودعها الأئمة في كتبهم ما يُعرف بكتاب الفتن، تجد كتاب الفتن موجود في هذه الأمهات، والذين ألّفوا المختصرات وانتقوها من هذه الأمهات أيضا سلكوا نفس المسلك، منهم من نهج منهج الشمول، ومنهم من اقتصر على أنواع من العلم، كالذين مثلا عُنوا بأحاديث الأحكام، مثل منتقى الأخبار لمجد الدين بن بركات عبد السلام بن تيمية، هو أعظم وأجمع كتاب لأحاديث الأحكام، ومنها بلوغ المرام، ومنها عمدة الأحكام، كلهم عمدوا وقصدوا التصنيف في أبواب الأحكام العملية، ولم يقصدوا إلى ذكر ما يتعلق بالعقائد، بالتوحيد، بالنبوات، باليوم الآخر، بالقدر. وكذلك صنف العلماء مصنفات من الأحاديث، وانتقوها من الأحاديث مما يختص بالعقائد، ومنها -من أبواب العقائد- ما يتعلق بالفتن. ويقصد العلماء بهذا العنوان ما ورد مما يكون في آخر الزمان من الحوادث، والأمور العظام، والأمور الغريبة، ومنها أيضا المصائب التي أخبر الرسول  عنها. وكما قلت: إن الذين صنفوا في السنة التصنيف العام أفردوا للفتن كتابا أو أبوابا كما في صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وفي السنن، ومن المختصرات في هذا الموضوع هذا الكتاب الذي بين أيديكم للإمام المجدد -رحمه الله- الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الإمام المصلح الذي قام بالدعوة المباركة، دعوة التجديد والإصلاح، والدعوة إلى التوحيد، وتجريد التوحيد مما علق به وما خالطه من خرافات من أنواع الشرك الأصغر والأكبر. فالشيخ الإمام -رحمه الله- قد أحيا الله به سننًا أميتت، وقمع الله به بدعا وخرافات، وصنف المصنفات لتحقيق هذا الغرض لبيان أصل الدين الذي هو التوحيد بأنواعه، ولا سيما توحيد العبادة الذي فيه الخصومة بين الرسل وأممهم، وهو الذي وقع فيه الخلل في سائر الأمم، ووقع فيه الخلل كذلك في هذه الأمة، فهذه الأمة وقعت فيما وقع فيها من قبلها من الأمم، مصداقا لقوله -عليه الصلاة والسلام-:  لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة  فدخل على هذه الأمة الإسلامية بسبب الجهل والإعراض عن فهم كتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- على ما فهمه السلف الأول، دخل على هذه الأمة أنواع من البدع وأنواع من الباطل، بدع اعتقادية، وهي قديمة، وبدع عملية، وهي متأخرة أكثر من غيرها، فإن الشرك في العبادة الذي مظهره القبورية، إقامة المشاهد على القبور، والأبنية على القبور، والطواف على القبور، هذه جاءت متأخرة. فالله قيّض هذا الإمام -رحمه الله- لتجلية التوحيد عما علق به من الخرافات والشبهات، فنفع الله به وبدعوته أهل هذه البلاد وغيرهم، وسارت آثارها في أقطار العالم الإسلامي، وانتفع بها ما شاء الله من العباد. وقد صنف -رحمه الله- المصنفات لهذا الغرض، فصنف المصنفات الصغيرة للمبتدئين، منها الأصول الثلاثة، ومن أعظم ما ألف في هذا الشأن كتاب التوحيد، ذلك الكتاب العظيم، كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، ومن خير المصنفات في هذا أيضا كشف الشبهات من المختصرات، مع رسائله المختلفة للأشخاص والجماعات في سائر البلاد. وله مصنفات حديثية، ومن المصنفات الحديثية هذا الكتاب الذي بين أيدينا، ويذكر الذين حققوه أنهم وجدوه بخط من نقله من خط الشيخ، وذكروا أنه لم يكن مبوبا، ولم توضع له مقدمة ولا خطبة، وعلل ذلك لعله كان مسودا ولم يبيضه، فلم يستكمل ما يحتاج إليه التأليف من التقديم والتبويب، ثم الذين أخرجوه ونشروه وضعوا له تلك العناوين والأبواب، وعلقوا عليه، وقد حُقق هذا الكتاب عندما قامت جامعة الإمام بجمع مؤلفات الشيخ وترتيبها وتحقيقها، حقق هذا ضمن مجموعات مؤلفات الشيخ، وكتاب الفتن فيه قسم الحديث صنفوا مؤلفات الشيخ -أظن في تسع مجلدات- وقسموها على أصناف العلوم، ومنها قسم الحديث، ومما شمله قسم الحديث هذا الكتاب، كتاب الفتن هذا الذي بين أيديكم، وقد رأى القائمين على هذه الدورة أن يكون من برامج هذه الدورة كتاب الفتن للإمام الشيخ محمد بن الوهاب الإمام المجدد رحمه الله. 

شارك الكتاب مع اصدقائك