كتاب طرق وأساليب تدريس العلوم

ميشيل كامل عطالله

التعليم والتربية

يشهد تدريس العلوم في وقتنا الحاضر، وعلى المستوى العالمي، تطويراً جذرياً من أجل مواكبة روح العصر، ويستمد هذا التطور أصوله من طبيعة العلم ذاته، فالعلم له تركيبه الخاص الذي يميزه عن مجالات المعرفة المنظمة الأخرى، وجوهر هذا التركيب يظهر في مادة العلوم والطرق التي يستخدمها العلماء في الوصول إليها. ويرى المهتمون بتدريس العلوم أن فهم العلم لا يتأتى إلا إذا عكس تدريس العلوم طبيعة العلم مادة وطرائق. ولهذا فإن الاتجاه

  المعاصر في تدريس العلوم يؤكد أن التطوير يجب أن يهدف إلى فهم محتوى العلم، والأساليب التي يتبعها العلماء في الوصول إلى هذا المحتوى، والطرق التي يمكن أن تتبع في تدريسه (الديب، 1974). وفي التربية العلمية وتدريس العلوم نحتاج إلى أن نوجّه الاهتمام إلى الجانب الفكري للمتعلم، أي تعليم التفكير بشكل رئيسي ومهارات العلم وعملياته وحل المشكلة على نحو أكثر تخصيصاً، وكما وعلينا أن نوجه الاهتمام إلى الجوانب القيمية المجتمعية التي تسعى التربية العلمية إلى تحقيقها في الأفراد ليكونوا قادرين على العيش في عصر مستقبلي متطور تسوده التكنولوجيا، وتترابط فيه علاقات معقدة بين العلم والمجتمع والتكنولوجيا. ويتطلب الأمر أن نقوم بعملية مخططة واعية ومقصودة تؤدي إلى إحداث السلوك التعليمي المرغوب فيه لدى المتعلم، وكما يحتاج الأمر إلى تبني السياسات التربوية التعليمية في مجال تدريس العلوم التي من شانها تحقيق جملة من الأهداف، نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر ما يلي: 1. تبني تربية علمية تصنع فرداً (مواطناً) مستقلاً واعياً، وناقداً، ومسؤولاً اجتماعياً، ويتبنى المنهجية العلمية في حل مشكلاته الحياتية عموماً، والعلمية والتكنولوجيا والاجتماعية على نحو أكثر تخصيصاً. 2. تحديث مناهج العلوم وتطويرها بصورة مستمرة، وهذا ما حدث ويحدث الآن في مجتمعنا الأردني. إن من شأن مثل هذا التحديث استيعاب التغيرات في مفهوم العلم ونواتجه وانعكاسها على الجوانب الاجتماعية والتكنولوجيا لمجتمعنا. ويساعد التحديث أيضاً في ربط الفرد المتعلم بمجتمعه من جهة وربط المجتمع بالعروبة والإنسانية والحضارة من جهة أخرى. 3. تحسين تربية المعلم العلمية وإعداده وتأهيله، ونهدف هنا إلى تطوير كفاءات معلم العلوم باعتباره قائداً تربوياً ميسراً لتعليم العلوم، وموجهاً للنشاط العلمي، ومرافقاً لشؤون البحث والاستقصاء والاكتشاف. وهذا يؤكد مكانة المعلم الرفيعة باعتباره العنصر الأهم في العملية التربوية عموماً وفي تدريس العلوم بشكل خاص، ومن شأن تبني مثل هذا الهدف أن يدفعنا إلى حمل الشعار التالي: «إن معلم العلوم هو معلم متميز في إعداده وتكوينه ـ علمياً ومهنياً وثقافياً ـ وهو معلم ذو كفاءات شاملة وفاعلية، مما يؤدي في نهاية الأمر إلى ترجمة كفاءاته إلى سلوك تعليمي فعّال يسهم في النهوض بقدرات الطلبة العلمية والتفكيرية». يتناول هذا المؤلف بالدراسة المسهبة المبادئ والمفاهيم الأساسية التي يقوم عليها موضوع تدريس العلوم، فيأتي مستكملاً ما بدأه المختصون الآخرون في مؤلفاتهم. وينفرد هذا المؤلف بالمجالات والاهتمامات التي يعرضها للدراسة؛ فقد سعى إلى عناوين ومصطلحات حديثة شاع الحديث عنها، ودراستها في البحوث والدراسات التجريبية في السنوات العشرين الأخيرة، من نهاية القرن العشرين الميلادي، من مثل الخرائط المفاهيمية، والمفاهيم الخاطئة، والطرق العلمية، والتقويم الشمولي، وطبيعة العلم، وما إلى ذلك. وأما من حيث الطرق والأساليب التي جعلها محوراً أساسياً فهي طريقة الاستقصاء المقيد بأنماطه وأساليبه ومدخلاته، فقد وجه لها كل الاهتمام والعناية، فكأنه مؤلف يتمحور حول المدخل الاستقصائي على نحو خاص، وفي الوقت نفسه لا يغفل الطرق والأساليب الأخرى. وقد أعطى المؤلف مساحات واسعة منه لدراسة طرق العلم (مهارات عملية العلم) أو ما يعرف بمدخل الاستقصاء العملياتي، ومن وجهة نظر حديثة فإنه ينفرد ويتميز عن غيره من المؤلفات في ميدانه في اهتمامه الواضح بهذه الطرق العلمية. كما يتناول التقويم أيضاً من وجهة نظر جديدة معاصرة، فهو يعالج ما يعرف بالتقويم الشمولي باستخدام الأنماط والأساليب الحديثة في التقويم مثل تقويم مهارات الاستقصاء والطرق العملية والاتجاهات، ويستخدم لذلك أنماطاً تساعد على التقدير الكمي للتقويم. ولا يغفل أيضاً معالجة موضوع التكنولوجيا، والتعريف بمفهومها، ومفهوم هرم الخبرات التعليمية، يستعرض أهم الوسائل والمواد التكنولوجية التي تساعد على تحقيق أهداف تدريس العلوم: كما يتعرض في الفصل الأخير إلى مفهوم الخريطة المفاهيمية على أساس أنها اتجاه معاصر لتدريس العلوم وتقييم عوائده. ويعتبر هذا المؤلف مرجعاً أساسياً لمساقات أساليب تدريس العلوم في برنامجي البكالوريوس والماجستير، كما يفيد في الدورات والمشاغل التي تعقد لتأهيل معلمي العلوم في أثناء الخدمة.   

شارك الكتاب مع اصدقائك