كتاب فقه اللسان القرآني

كتاب فقه اللسان القرآني

منهج جديد لفهم النص والمخطوط

تأليف : ناصر ابن داوود

النوعية : العلوم الاسلامية

القرآن الكريم، كلام الله الخالد والمعجز، هو النعمة الكبرى التي تهدي القلوب، وتشفي الصدور، وتنير الدروب. نزل بلسان عربي مبين، لا ليكون مجرد كتاب هداية وتشريع فحسب، بل ليكون نظاما لغويا ومعرفيا فريدا، ذا بناء داخلي محكم وقصدي ("المبدأ القصدي")، ومرآة تعكس سنن الكون وحقائق الوجود بأدق تفاصيلها. إنه بحر لا تنفد عجائبه، وكنز لا تنتهي أسراره. ويتطلب فهم هذا اللسان الفريد تمييزه عن "لسان العرب" المتداول، وإدراك خصوصيته التي تستلزم فهم سياقه الأول الذي نزل فيه. ولقد بذل علماء الأمة جهودا مضنية عبر القرون لحفظ هذا الكتاب العظيم وتيسير فهمه، فجزاهم الله عنا خير الجزاء. إلا أن هذه الجهود المباركة، بقدر ما يسرت القراءة الظاهرية، قد حجبت في طياتها – ربما عن غير قصد – بعضا من جمال النص القرآني الأصيل وعمقه البنائي والمعرفي، وأدت أحيانا إلى التعامل معه بمنطق وقواعد قد لا تنسجم تماما مع خصوصية لسانه الفريد، أو قد تفرض عليه مفاهيم مستمدة من وعي متأخر لم يكن جزءا من سياقه الأصلي. في عصرنا الحالي، ومع تزايد التحديات الفكرية والثقافية، تزداد الحاجة إلحاحا إلى العودة الحقيقية للقرآن الكريم، لاكتشاف كنوزه من داخله، وتفعيل دوره كمصدر أصيل للمعرفة ومنهج للتفكير. نحن بحاجة إلى فهم جديد ومتجدد، يتجاوز القراءة السطحية والتفسيرات التي قد تكون أسقطت عليه قواعد خارجية، ويغوص في أعماق "اللسان العربي القرآني" ليكتشف نظامه الداخلي وقواعده الذاتية، ويدرك كيف يفسر القرآن بعضه بعضا من خلال تتبع استخدام الكلمة في سياقاته المتعددة وتحليل العلاقات بين الآيات والموضوعات. من هنا، تنطلق هذه الدراسة وهذا المشروع الطموح، ليس كنقد للتراث بقدر ما هو دعوة لتأسيس منهجية "فقه اللسان العربي القرآني". هذا الفقه يرتكز على الإيمان بأن القرآن بناء متكامل يفسر ذاته بذاته ("وحدة النص والتبيين الذاتي")، وأن قواعد فهمه تستنبط من بنيته اللغوية والمعرفية نفسها، ومن تجلياته في المخطوطات القرآنية الأصلية كشواهد، مع اعتبار السياق التاريخي والثقافي للنزول مفتاحا أساسيا لفهم هذا البناء. يهدف هذا الفقه إلى فهم كلام الله فهما أعمق وأدق، يكشف عن منطقه الداخلي المحكم، ويربطه بسنن الكون والحياة، ويبرز إعجازه المتجدد. يرتكز هذا الفقه على أسس منهجية ومرتكزات أهمها: فهم الدلالات الجوهرية ل"أسماء الحروف"، واعتبار "المثاني" (الأزواج الحرفية) النظام البنائي والدلالي المحوري الذي يكشف عن "المعنى الحركي" وينفي الترادف، والعودة لشواهد المخطوطات، مع الالتزام بضوابط صارمة مستمدة من القرآن نفسه ك "السياق بأبعاده المتعددة (اللفظي، الموضوعي، سياق النزول الأول)"، والمنظومة الكلية، ورفض التناقض، والتمييز بين المحكم والمتشابه، ووضع ضوابط دقيقة للاستعانة بالمعارف الخارجية بما لا يطغى على أصالة النص. إن هذا الكتاب وما يتبعه في هذه السلسلة ليس مجرد دراسة نظرية، بل هو تطبيق عملي ومنهجي أثبت فعاليته - كما سيظهر في 130 مبحث تطبيقي لاحقة - في تقديم فهم أعمق وأكثر أصالة لكلمات ومفاهيم وقصص قرآنية محورية (من خلال تحليلها كوحدات متكاملة عبر السور)، وحل إشكاليات تفسيرية سابقة، وتقديم رؤى لكيفية تفاعل هذه المفاهيم مع تحديات العصر. إنه محاولة لتقديم مفاتيح وأدوات عملية للتدبر، تنتقل بنا من التعامل مع الحروف والكلمات كرموز جامدة إلى استشعارها ككائنات حية تحمل أسرار الخالق والخلق ضمن نظام لساني ومعرفي متكامل. هو دعوة لإحياء "التدبر الأصيل" الذي يتجاوز التقليد الأعمى، ولتشجيع التفكير النقدي الذي يبحث عن الحقيقة في مصدرها الأول، خاضعا لسلطان النص ومنطقه الداخلي، متحررا من إسقاطات الوعي المتأخر ومن الإذعان غير الممحص للموروث التفسيري. نأمل أن يكون هذا العمل مفتاحا لتدبر جديد، وفهم متجدد لكلام الله، وأن يلهم الباحثين والمهتمين لمزيد من البحث والاستكشاف في هذا المجال الثري، وأن يساهم في بناء مستقبل أفضل لفهم وتطبيق رسالة القرآن الخالدة في حياتنا. إنها رحلة استكشاف ممتعة ومثمرة ندعوكم للانطلاق معنا فيها في عالم اللسان القرآني المبين. ﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب﴾ [ص: 29] ﴿ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب﴾ [آل عمران: 8] والحمد لله رب العالمين.
القرآن الكريم، كلام الله الخالد والمعجز، هو النعمة الكبرى التي تهدي القلوب، وتشفي الصدور، وتنير الدروب. نزل بلسان عربي مبين، لا ليكون مجرد كتاب هداية وتشريع فحسب، بل ليكون نظاما لغويا ومعرفيا فريدا، ذا بناء داخلي محكم وقصدي ("المبدأ القصدي")، ومرآة تعكس سنن الكون وحقائق الوجود بأدق تفاصيلها. إنه بحر لا تنفد عجائبه، وكنز لا تنتهي أسراره. ويتطلب فهم هذا اللسان الفريد تمييزه عن "لسان العرب" المتداول، وإدراك خصوصيته التي تستلزم فهم سياقه الأول الذي نزل فيه. ولقد بذل علماء الأمة جهودا مضنية عبر القرون لحفظ هذا الكتاب العظيم وتيسير فهمه، فجزاهم الله عنا خير الجزاء. إلا أن هذه الجهود المباركة، بقدر ما يسرت القراءة الظاهرية، قد حجبت في طياتها – ربما عن غير قصد – بعضا من جمال النص القرآني الأصيل وعمقه البنائي والمعرفي، وأدت أحيانا إلى التعامل معه بمنطق وقواعد قد لا تنسجم تماما مع خصوصية لسانه الفريد، أو قد تفرض عليه مفاهيم مستمدة من وعي متأخر لم يكن جزءا من سياقه الأصلي. في عصرنا الحالي، ومع تزايد التحديات الفكرية والثقافية، تزداد الحاجة إلحاحا إلى العودة الحقيقية للقرآن الكريم، لاكتشاف كنوزه من داخله، وتفعيل دوره كمصدر أصيل للمعرفة ومنهج للتفكير. نحن بحاجة إلى فهم جديد ومتجدد، يتجاوز القراءة السطحية والتفسيرات التي قد تكون أسقطت عليه قواعد خارجية، ويغوص في أعماق "اللسان العربي القرآني" ليكتشف نظامه الداخلي وقواعده الذاتية، ويدرك كيف يفسر القرآن بعضه بعضا من خلال تتبع استخدام الكلمة في سياقاته المتعددة وتحليل العلاقات بين الآيات والموضوعات. من هنا، تنطلق هذه الدراسة وهذا المشروع الطموح، ليس كنقد للتراث بقدر ما هو دعوة لتأسيس منهجية "فقه اللسان العربي القرآني". هذا الفقه يرتكز على الإيمان بأن القرآن بناء متكامل يفسر ذاته بذاته ("وحدة النص والتبيين الذاتي")، وأن قواعد فهمه تستنبط من بنيته اللغوية والمعرفية نفسها، ومن تجلياته في المخطوطات القرآنية الأصلية كشواهد، مع اعتبار السياق التاريخي والثقافي للنزول مفتاحا أساسيا لفهم هذا البناء. يهدف هذا الفقه إلى فهم كلام الله فهما أعمق وأدق، يكشف عن منطقه الداخلي المحكم، ويربطه بسنن الكون والحياة، ويبرز إعجازه المتجدد. يرتكز هذا الفقه على أسس منهجية ومرتكزات أهمها: فهم الدلالات الجوهرية ل"أسماء الحروف"، واعتبار "المثاني" (الأزواج الحرفية) النظام البنائي والدلالي المحوري الذي يكشف عن "المعنى الحركي" وينفي الترادف، والعودة لشواهد المخطوطات، مع الالتزام بضوابط صارمة مستمدة من القرآن نفسه ك "السياق بأبعاده المتعددة (اللفظي، الموضوعي، سياق النزول الأول)"، والمنظومة الكلية، ورفض التناقض، والتمييز بين المحكم والمتشابه، ووضع ضوابط دقيقة للاستعانة بالمعارف الخارجية بما لا يطغى على أصالة النص. إن هذا الكتاب وما يتبعه في هذه السلسلة ليس مجرد دراسة نظرية، بل هو تطبيق عملي ومنهجي أثبت فعاليته - كما سيظهر في 130 مبحث تطبيقي لاحقة - في تقديم فهم أعمق وأكثر أصالة لكلمات ومفاهيم وقصص قرآنية محورية (من خلال تحليلها كوحدات متكاملة عبر السور)، وحل إشكاليات تفسيرية سابقة، وتقديم رؤى لكيفية تفاعل هذه المفاهيم مع تحديات العصر. إنه محاولة لتقديم مفاتيح وأدوات عملية للتدبر، تنتقل بنا من التعامل مع الحروف والكلمات كرموز جامدة إلى استشعارها ككائنات حية تحمل أسرار الخالق والخلق ضمن نظام لساني ومعرفي متكامل. هو دعوة لإحياء "التدبر الأصيل" الذي يتجاوز التقليد الأعمى، ولتشجيع التفكير النقدي الذي يبحث عن الحقيقة في مصدرها الأول، خاضعا لسلطان النص ومنطقه الداخلي، متحررا من إسقاطات الوعي المتأخر ومن الإذعان غير الممحص للموروث التفسيري. نأمل أن يكون هذا العمل مفتاحا لتدبر جديد، وفهم متجدد لكلام الله، وأن يلهم الباحثين والمهتمين لمزيد من البحث والاستكشاف في هذا المجال الثري، وأن يساهم في بناء مستقبل أفضل لفهم وتطبيق رسالة القرآن الخالدة في حياتنا. إنها رحلة استكشاف ممتعة ومثمرة ندعوكم للانطلاق معنا فيها في عالم اللسان القرآني المبين. ﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب﴾ [ص: 29] ﴿ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب﴾ [آل عمران: 8] والحمد لله رب العالمين.
ناصر ابن داوود مهندس مدني للمعادن وباحث اسلامي خريج كلية البوليتكنيك في جامعة مونس بلجيكا مزداد في المغرب بتاريخ 27 ابريل 1960 المغرب موظف متقاعد بوزارة الاسكان

هل تنصح بهذا الكتاب؟