كتاب ابنة خالتي كوندوليزا

محمود شقير

الفكر والثقافة العامة

كتاب ابنة خالتي كوندوليزا بقلم محمود شقير ...لا أحب ابنة خالتي، لا أحبها لأنها شرانية، ولها عينان حادتان لا أطيق التحديق فيها، ثم إنني متزوج وعلاقتي بزوجتي أحلى من السمن على العسل، وأمي الحاجة مرجانة، ترغب في إيجاد زوج لمثيلة، تقول إن لم تتزوج مثيلة من جديد، علينا أن نتوقع فضيحة بجلاجل وأجراس، مثيلة تزوجت صديقتي غطاس..

 غير أن زواجهما لم يعش طويلاً، لأن مثيلة امرأة قوية لا يحتملها زوج، أو هذا هو الانطباع الذي أصبح ملازماً لها! رمت في حجره الولد والبنتين، أخرجته من الدار وعاشت وحدها تنتظر فرصة أخرى للزواج. قبل غطاس، أحبتني مثيلة لكنني لم أبادلها حباً بحب، لأنني كنت أنفر من عينيها الحادتين، ولم أكن أعرف بمن أشبهها حتى ظهرت كوندوليزا رايس إلى حيز الشهرة والنفوذ، قلت: وجدتها! ابنة خالتي تشبه هذه المرأة إلى حد بعيد، ولها شعر أسود مثل شعر كوندوليزا رايس، وهي قوية مثلها، ولم أقل لها شيئاً من هذا الشبه، لأنها لو علمت به فإن غرورها سيزداد، وقد تجتاح حيّنا بأكمله ذات صباح، تستولي عليه بالقوة وتنصب نفسها مسؤولة عنه، وتفرض علينا أحكاماً عرفية قد تستمر عامين أو ثلاثة أعوام.. صار شبح مثيلة يطاردني في الليل وفي النهار، وراحت أمي تضغط علي بكثافة لم أعهدها من قبل. أقول لها: ماذا أقول لزوجتي يا بنت الناس؟ تقول: مالك وما لها! عليها أن تسكت وحمد ربها لأنك تزوجتها، ولا تنس أن الخيّر معه ثنتان وثلاث! أقول وأنا مستفز: أنا لا أستطيع العيش مع كوندوليزا رايس تحت سقف واحد! أنيه كونديلا أم رايس هذي؟ واحدة أميركانية. أحسن! هذا اللي ناقصنا.. رأيت نفسي ليلاً.. كنت أرتدي بدلة العرس السوداء، دخلت عروسي إلى الغرفة يقودها ولي أمرها من يدها، وهي ترتدي الأبيض الناصع وعلى ثغرها ابتسامة طافحة بالأمل.. فركت عيني جيداً لكي أتعرف على والد عروسي، ولم أصدق عيني للوهلة الأولى، رأيت رامسفيلد، وزير الدفاع، يمشي الهوينى إلى جانب العروس، حدقت في وجه العروس، رأيت كوندوليزا رايس تتقدم نحو وسط الغناء والزغاريد. ارتعبت لأنني لا أحتمل أن أكون زوجاً لمستشارة الأمن القومي، هذا يعني أن كل مشكلات العالم، وكل قضايا مكافحة الإرهاب ستخرج من هنا، من بيتنا بالذات! فهل أحتمل ذلك؟. "ابنة خالتي كوندوليزا" كما بقية قصص هذه المجموعة، حكايات لطيفة، حكايات صغيرة قصيرة، إلا أنها تحمل في مضامينها انتقادات ساخرة تسع المجتمع بأسره. تنطلق المَشاهِد من بيوتات فلسطينية، لذا مزج الكاتب ومن خلال أسلوبه الساخر، الواقع بالخيال، والحقيقة بالوهم، مسجلاً بصمات متميزة في عالم القصة القصيرة. يمضي القارئ في أجواء تلك المجموعة منسجماً معها، يعيش معها لحظات مرحة تدخل إلى نفسه المتعة والسرور، فها هو الكاتب يقدم له شخصيات مشهورة، تختلط أسماءها وسماتها عند العامة إلى حدّ تصبح تلك الشخصيات، ونظراً لتشابه الأسماء والصفات والسمات، أحد أفراد الحي أو العائلة. انطلاقاً من شكيرة ونعومي كامبل وو... يصيغ الكاتب حكاياه بأسلوب لطيف يقترب من خلاله من قرائه أكثر وأكثر.

شارك الكتاب مع اصدقائك